1- محمد نجيب
¨
اللواء أركان حرب السياسي العسكري؛
أول رئيس لمصر؛ لم يستمر في سدة الحكم سوى فترة قليلة؛ بعد إعلان الجمهورية في
يونيو 1952 – وحتى نوفمبر 1954؛ حيث عزله مجلس قيادة الثورة ووضعه تحت الإقامة
الجبرية بعيداً عن الحياة السياسية لمدة 30 عاماً؛ مع منعه تماماً من الخروج أو
مقابلة أي شخص من خارج أسرته.. وفي سنواته الأخيرة نسى كثير من المصريين أنه لا
يزال على قيد الحياة؛ حتى فوجئوا بوفاته عام 1984.. وكان (محمد نجيب) أول حاكم
مصري يحكم مصر حكماً جمهورياً؛ بعد أن كان ملكياً؛ قبل قيادته ثورة 23 يوليو أو
الإنقلاب العسكري كما يطلق عليه البعض والذي انتهى بعزل الملك (فاروق).. ومن بعد ذلك أعلن (محمد
نجيب) مبادئ الثورة الستة؛ وحدد الملكية الزراعية؛ وكانت له شخصيته؛ وشعبيته
المحببة في صفوف الجيش المصري والشعب المصري؛ حتى قبل الثورة لدوره البطولي في حرب
فلسطين.. عاصر (محمد نجيب) أهم الأحداث التي مرت على تاريخ مصر الحديث من جلاء
القوات البريطانية في مصر عام 1954؛ وتأميم قناة السويس؛ والعدوان الثلاثي عام
1956؛ إلى الوحدة مع سوريا عام 1958؛ ومشاركة القوات المصرية في حرب اليمن عام
1962؛ مروراً بالنكسة ووفاة (عبد الحكيم عامر) عام 1967؛ ووفاة الرئيس (جمال عبد
الناصر) عام 1970؛ وحرب أكتوبر 1973؛ ومعاهدة كامب ديفيد عام 1978؛ واغتيال الرئيس
(السادات) عام 1981.. على الرغم من رغبة (محمد نجيب) في وصيته؛ أن يدفن في
السودان؛ بجانب أبيه؛ إلا أنه دفن في مصر؛ في جنازة عسكرية مهيبة.
.. ومع كل ذلك فما زالت المخيلة الشعبية الثرية تحتفظ للواء (محمد نجيب)
أول من حمل لقب الرئيس في تاريخ مصر؛ بملامح الرجل الطيب؛ المظلوم؛ فحين أعجبه
حماس الضباط الأحرار لم يتردد في الإستجابة لهم لاقتناعه بعدالة مطالبهم؛ وغامر
بتاريخه الوطني والعسكري المشرف؛ وقبل أن يكون مرشحهم في انتخابات نادي الضباط قبل
الثورة؛ معارضاً رغبة الملك؛ ومعرضاً نفسه لكافة المخاطر؛ إيماناً منه بضرورة
القضاء على الفساد الذي استشرى في المجتمع والجيش المصري؛ ونجحوا في إسقاط مرشح
القصر؛ وذاع صيتهم؛ ولم ينقذ تنظيمهم سوى السرية المحكمة التي أحاطوا بها أنفسهم
حيال أجهزة الأمن النشطة.. وحين تحرك الجيش ليلة 23 يوليو 1952؛ كان اللواء (نجيب)
في صدارة المشهد؛ وبنجاحهم إنحاز للعدالة الإجتماعية؛ وقام مع الضباط الأحرار
بتوزيع أراض الإقطاعيين على الفلاحين بعد أقل من شهرين.. فلمس الشعب الفائدة
المباشرة للحركة؛ وباركوها بتسميتها ثورة فأكسبوها زخماً اجتماعياً واسعاً؛ وانحاز
اللواء (نجيب) للديمقراطية؛ وفضل عودة الجيش إلى ثكناته بعد تطهير الأحزاب
السياسية؛ وتغيير برامجها الإجتماعية لصالح الشعب؛ لكن (عبد الناصر) وأنصاره في
مجلس قيادة الثورة لم يقبلوا هذا؛ ورتبوا لتنحية اللواء (نجيب) بعدما أنجز مهمته
المرحلية كما خططوا لها؛ وانفردوا بالسلطة بعيداً عن الديمقراطية التي كان يمكن أن
تمكن الشعب من حكم نفسه بنفسه؛ وتوفر عليه 60 عاماً من الإستبداد والعسف والإقصاء
وعسكرة المجتمع حتى الآن؛ بالرغم من قيام ثورة 25 يناير .. لذا بقى الرئيس (نجيب)
في الوجدان الشعبي رمزاً للوطني المخلص حسن النية؛ مهضوم الحقوق؛ وقد تحمل من
الظلم ما لايطاق؛ حيث فقد حريته الشخصية بتحديد إقامته الجبرية لأكثر من عقدين في
فيللا (زينب الوكيل) بالمرج حتى نسيه الناس؛ وحذف إسمه من الكتب المدرسية كونه أول
رئيس جمهورية.. وخلال هذه الفترة القاسية مات له ولدان حرم من حضور جنازتيهما
وتلقي العزاء فيهما؛ وطرد إبنه الثالث من عمله حتى اضطر للعمل كسائق تاكسي.. وقضى
الرئيس (نجيب) وقته في قراءة القرآن وسماعه والتنقل خلف الظل في الصيف؛ وتلمس دفء
الشمس في الشتاء؛ وشاء القدر أن يشهد رحيل الرئيسين (عبد الناصر) و(السادات)..
ورحل هو لاحقاً في عهد (مبارك) وسط حالة إشفاق وطني زادت حالته شجناً؛ بعد كل ما
بذله في نصرة ثورة يوليو؛ وتغيير وجه الحياة جذرياً في مصر والمنطقة؛ح مخلفاً له
كتابه المهم (كنت رئيساً لمصر)؛ والذي يقطر صدقاً وتسامحاً ويفيض بحزن آليم.. لهذا
أفرد له هذا مرتقى عالياً في الوجدان الشعبي؛ لا يرفع إليه إلا الأطهار أصحاب
النفوس العظيمة والهمم العالية في تاريخ الأمم.
(رحم الله محمد نجيب رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته)
2- جمال عبد الناصر
¨
(جمال عبد الناصر) هو ثاني رؤساء
مصر؛ تولى السلطة من سنة 1954؛ إلى وفاته سنة 1970؛ وهو أحد قادة ثورة 23 يوليو
1952؛ ومن أهم نتائج الثورة هى خلع الملك (فاروق) عن الحكم؛ وبدء عهد جديد من
التمدن في مصر والإهتمام بالقومية العربية؛ والتي تضمنت فترة قصيرة من الوحدة بين
مصر وسوريا ما بين سنتي 1958 و1961؛ والتي عرفت بإسم الجمهورية العربية المتحدة؛
كما أن (عبد الناصر) شجع عدداً من الثورات في أقطار الوطن العربي؛ وعدداً من الدول
الأخرى في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية؛ ولقد كان لـ(عبد الناصر)؛ دور قيادي
وأساسي في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في سنة 1964 ؛ وحركة عدم الإنحياز
الدولية.
.. يعتبر (عبد الناصر) من أهم الشخصيات السياسية في الوطن العربي؛ وفي
العالم النامي للقرن العشرين؛ والتي أثرت تأثيراً كبيراً في المسار السياسي
العالمي.
.. عرف عن (عبد الناصر) قوميته وانتماؤه للوطن العربي؛ وأصبحت أفكاره
مذهباً سياسياً سمى تيمناً بإسمه وهو (الفكر الناصري)؛ والذي اكتسب الكثير من
المؤيدين في الوطن العربي خلال فترة الخمسينيات والستينيات.. وبالرغم من أن صورة
(عبد الناصر) كقائد اهتزت إبان نكسة (1967)؛ إلا أنه ما زال يحظى بشعبية وتأييد
بين كثير من مؤيديه؛ والذين يعتبرونه رمزاُ للكرامة والحرية العربية ضد استبداد
الإستعمار وطغيان الإحتلال.. توفى سنة 1970؛ وكانت جنازته ضخمة؛ خرجت فيها أغلب
الجنسيات العربية؛ حزناً على رحيله.
.. وبالرغم من انفراد الرئيس (عبد الناصر) بالسلطة المطلقة لستة عشر عاماً
وقبضه على مقاليد الأمور في يده وحده؛ إلا أن الشعب غفر له هذا؛ باستثناء كره
الإخوان المسلمين؛ ورفض بعض الفصائل الشيوعية له؛ وبسطت له مساحة زمنية أبعد من
فترة حكمه بكثير؛ امتدت إلى وقتنا الحالي؛ حيث رفعت صوره في أحداث ثورة 25 يناير
التي ما زلنا نعيش تداعياتها؛ بسبب تحيزه للفقراء؛ وإنشائه القطاع العام بشركاته
العملاقة التي حملت الإقتصاد الوطني والبلاد في أوقات الحرب؛ وحرصه على إنقاذ
الفلاح المصري من وهدة الذل التي تردى فيها منذ الإحتلال اليوناني الروماني وحتى
قيام ثورة يوليو؛ ولأول مرة تملك الأراض الزراعية التي تناهشها المحتلون وأذنابهم
لعشرات القرون؛ فتحول الفلاح من فرد بلا أجر؛ ومعدم يسرق قوته من الحقول إلى مالك؛
أمكنه تعليم أبنائه في الجامعة؛ والإرتقاء بمستواه الإجتماعي؛ مما وسع الطبقــة
المتوسطة المصرية لأبعد مدى وصلت إليه ربما في تاريخ مصر؛ وهو ما شكل تغييراً اجتماعياً هائلاً؛ لكن هذه المكتسبات ظلت هشة؛
وإهدارها كان سهلاً في عهدي (السادات) و(مبارك)؛ لآن (عبد الناصر) بدد فرصه
الديمقراطية؛ ولم يشرك الناس في الحكم؛ ولا تحديد مصيرهم سياسياً؛ وهو ما يسر انتزاع
المكاسب من أيديهم؛ لآنهم كانوا أسرى نظام أبوي قاس؛ وقرارات فوقية استبدادية.
.. ومع ذلك لم يؤثر هذا الخطأ الجوهري على صورة الرئيس (عبد الناصر) في
وجدان الفقراء؛ فقد بقى بنظرهم المتقشف في حياته الشخصية؛ النافر بطبيعته من مظاهر
البذخ؛ والذي يرتدي ملابس من انتاج المحلة؛ وظلت ذمته المالية نظيفة حتى مات؛ حتى
أنه اضطر للإقتراض من البنك ليتمكن من تزويج بناته؛ واستبدل جزءاً من معاشه مثل الموظقين
البسطاء؛ وهذه التفاصيل رسمت ملامح صورته البارزة في المخيلة الشعبية.
3- أنور السادات
¨
(محمد أمور السادات) هو ثالث رئيس
لجمهورية مصر العربية؛ في الفترة من 28 سبتمبر 1970؛ وحتى 6 أكتوبر 1981؛ وكان
(جمال عبد الناصر) قد اختاره في عام 1969؛ نائباً له؛ وبعد وفاة الرئيس (جمال عبد
الناصر) أصبح (السادات) رئيساً للجمهورية؛ وقد اتخذ في 15 مايو 1971 قراراً حاسماً
بالقضاء على مراكز القوى في مصر؛ وهو ما عرف بثورة التصحيح؛ وفي نفس العام أصدر
دستوراً جديداً لمصر؛ وقد أقدم على اتخاذ قرار مصيري لمصر؛ هو قرار الحرب ضد
إسرائيل في 6 أكتوبر 1973؛ عندما استطاع الجيش كسر خط بارليف؛ وعبور قناة السويس؛
فقاد مصر إلى أول انتصار عسكري على اسرائيل.. وقد قرر في عام 1974 رسم معالم جديدة
لنهضة مصر بعد الحرب؛ وذلك بانفتاحها على العالم فكان قرار الإنفتاح الإقتصادي؛
وفي عام 1977 إتخذ (السادات) قراره الذي سبب ضجة في العالم بزيارته للقدس؛ وذلك
ليدفع بيده عجلة السلام بين مصر وإسرائيل.. وقد قام في عام 1978 برحلته إلى
الولايات المتحدة الأمريكية؛ من أجل التفاوض لاسترداد الأرض؛ وتحقيق السلام كمطلب
شرعي لكل إنسان؛ وخلال هذه الرحلة وقع اتفاقية السلام في كامب ديفيد برعاية الرئيس
الأمريكي (جيمي كارتر).
.. في عام 1981 قامت الحكومة بحملة اعتقالات واسعة؛ ووصل عدد المعتقلين في
السجون المصرية إلى 1536 معتقلاً؛ وذلك على أثر صدور بوادر فتن واضطرابات شعبية
رافضة للصلح مع إسرائيل ولسياسات الدولة الإقتصادية.. وفي 6 أكتوبر من العام نفسه؛
تم اغتياله في عرض عسكري كان يقام بمناسبة ذكرى حرب اكتوبر وقام بقيادة عملية الاغتيال
(خالد الإسلامبولي) التابع لمنظمة الجهاد الإسلامي المعارضة لاتفاقية السلام مع
إسرائيل.
.. وقد بدأت صورة (السادات) تتضح للشعب بعد الإنفتاح الإقتصادي 1974؛ وشيوع
قصص الفساد؛ وانتشار حكايات سرقة الملايين من أقوات الشعب؛ وكانت هذه الأرقام
الضخمة تتردد لأول مرة وسط ذهول المصريين الذين يعيشون على بضع جنيهات في الشهر؛ وازدادت
صورته بشاعة حين أصبحت أرقام سرقات المال العام بالمليارات في عهد (مبارك)؛ وبدأ
هدم القطاع العام الذي بناه (ناصر) وتصفية شركاته من دون سبب اقتصادي ظاهر؛ سوى
تقويض أعمدة الإقتصاد القومي لصالح أفراد أحاطوا بـ(مبارك) –الأب وإبنيه- وقاسموهم
الغنيمة؛ مما جعل الفقراء يترحمون على (عبد الناصر) ويرفعون صوره عالية؛ كونه
نصيرهم الذي وفر لهم سبيل حياة كريمة؛ سريعاً ما ضر بها الفساد في عهد (السادات)؛
وبددها (مبارك) وألقى بهم مجدداً إلى متاهات اليأس والمهانة.. وهو ما دفع البسطاء
لحجز مكانة تاريخية رفيعة لـ(جمال عبد الناصر)؛ ويفسر ترحمهم عليه للآن.
.. وتشكلت صورة (السادات) مخيلة الشعب من خطوط أكثر تركيزاً وتشعباً؛ لآنه
عاش حياة اجتماعية قاسية؛ وسجن؛ وتقلب بين تجارب سياسية متباينة؛ وتفادى صراعات
الضباط الأحرار؛ وأفلت من تصفية (عبد الناصر) لمجلس قيادة الثورة؛ وبقى يتقلد
المناصب المهمة؛ كان أبرزها وآخرها نائب رئيس الجمهورية؛ قبل وفاة (عبد الناصر)
بقليل؛ واعتلى سدة الرئاسة؛ وسط ذهول قيادات يوليو؛ ثم تخلص منهم جميعاً بحيله
المعروفة؛ وأطلق ما أسماه القضاء على مراكز القوى؛ وثورة التصحيح؛ مما أسكنه في
نفوس البسطاء؛ داهية يستحق الإعجاب؛ واستقر هذا في الوجدان العام؛ حين حقق الجيش
المصري انتصاره المذهل على الصهاينة في أكتوبر 1973؛ فمنح (السادات) مكانة رفيعة
في مصر والوطن العربي باعتباره القائد الذي ثار للكرامة العربية؛ وقضى على أسطورة
الجيش الإسرائيلي.
.. لكن هذه الصورة الشعبية الواسعة سرعان ما اهتزت بسبب التنازلات التي
قدمها في مفاوضات الكيلو 101؛ والشكوك التي أحاطت بمفاوضات فك الإشتباك؛ ثم تشوشت
الصورة بشدة بعد اصداره القانون الذي اشتهر بإسم الإنفتاح الإقتصادي؛ لآنه فتح
باباً واسعاً للفساد؛ وازدادت صورة (السادات) ضبابية في الوجدان العام بعد رفع
الأسعار في أول 1977؛ وخرجت مظاهرات عارمة ضدها في 18 و19 يناير؛ وسماها (السادات)
(إنتفاضة الحرامية)؛ مع أنها كانت ثورة شعبية حقيقية؛ وهو ما دفعه لإطلاق جماعات
الإسلام السياسي لتقضي على اليسار في الجامعات؛ وهم الذين اغتالوه لاحقاً في
أكتوبر 1981 في أثناء العرض العسكري في مدينة نصر.
4- محمد حسني مبارك
¨
(محمد حسني مبارك) هو الرئيس
الرابع لجمهورية مصر العربية؛ من 14 أكتوبر 1981؛ وحتى أجبر على التنحي في 11
فبراير 2011؛ تقلد الحكم في مصر رئيساً للجمهورية؛ وقائداً أعلى للقوات المسلحة؛
ورئيساً للحزب الوطني الديمقراطي بعد إغتيال الرئيس (أنور السادات).. وهكذا تعتبر
فترة حكمه وحتى تنحيته عام 2011؛ رابع أطول حكم في المنطقة العربية؛ بعد السلطان
(قابوس بن سعيد) سلطان عمان؛ والرئيس اليمني (علي عبد الله صالح) والأطول بين ملوك
ورؤساء مصر منذ (محمد علي باشا).. أعيد إنتخابه رئيساً للجمهورية خلال إستفتاء على
الرئاسة في أعوام 1987 و 1993 و 1999 و 2005؛ لخمس فترات متتالية؛ وطالب الكثير
بتعديل الدستور ليسمح بتعدد المرشحين للرئاسة؛ وأن يصبح بالإنتخاب المباشر عوضاً
عن الإستفتاء.. في فبراير 2005دعى (مبارك) إلى تعديل المادة 76 من الدستور المصري؛
والتي تنظم كيفية ‘ختيار رئيس الجمهورية؛ وتم التصويت بمجلس الشعب لصالح هذا
التعديل الدستوري الذي جعل رئاسة الجمهورية بالإنتخاب المباشر لأول مرة في مصر من
قبل المواطنين؛ وجهت إليه إنتقادات من قبل حركات معارضة سياسية في مصر مثل (كفاية)
لتمسك بالحكم؛ خاصة قبل التجديد الأخير الذي شهد إنتخابات بين عدد من المرشحين
أبرزهم المعارضان (أيمن نور) و(نعمان جمعة)؛ وضعت من قبل الحكومة المصرية
بالنزاهة؛ ومن قبل بعض قوى المعارضة بالمسرحية الهزلية؛ وقد مارس دوراً مؤبداً
للسلام في الوطن العربي؛ وعرف بموقفه الداعم للمفاوضات السلمية الفلسطينية –
السرائيلية؛ عزل عن الحكم أثر لنشوب ثورة 25 يناير في 11 فبراير 2012؛ قدم
للمحاكمة العلنية بتهمة قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير وقد مثل كأول رئيس عربي
سابق يتم محاكمته بهذه الطريقة أمام محكمة مدنية في 3 أغسطس 2011؛ وتم الحكم عليه
بالسجن المؤبد يوم 2 يونيه 2012.
.. ورغم ما سبق إكتسب (حسني مبارك) في بداية عهده صورة المصحح
لأخطاء(السادات)؛ حيث أطلق المعتقلين؛ وطمأن الرأي العام؛ واستبشر به الناس خيراً؛
لكنه ظل صامتاً لفترة طويلة حيرت الجميع؛ ولم تشف خطاباته الرسمية غليل الناس..
وبدأت التخمينات المنكرة لتفسير شخصيته؛ وتزامنت مع إعلان شهير للجبنة الفرنسية
(لافاش كيري) كمحاولة من الناس لتشبيه ضحكته بالبقرة الضاحكة؛ ليس من باب السب؛
ولا الحط من قدره؛ كرئيس وإنسان؛ لكنها كانت محاولة لتفسير سبب الصمت الذي يعني
على نحو ما السكوت الناتج عن قلة الخبرة؛ وضعف الحيلة؛ وتأكد فيما بعد؛ وفق ما
تكشف من أسرار بعد ثورة يناير أنه كان يتمتع بقدر كبير من ضيق الأفق؛ وينفرد
بالقرار المطلق بحكم السلطة الهائلة التي أتيحت له.
.. ولم تتأخر كثيراً أخبار فساده هو وأسرته وحاشيته؛ وترددت أرقام سرقة
المال العام لأول مرة بالمليارات؛ ثم عشرات ومئات المليارات؛ وكأن نهب الثروة
القومية؛ شيئاً بسيطاً عادياً؛ وبالتوازي تسارع إنهيار القيم؛ واستبدلت بمفاهيم
فاسدة؛ فباتت الفهلوة والنصب والنغاق والتدليس والتزوير والبلطجة أدوات سائدة؛
وكانت تكتسب شرعية؛ وأصبح كل من يتمسك بقيمة أخلاقية؛ أو إنسانية؛ أو أي معنى
للوطنيةشخصاً متعنتاً و(غاوي فقر)؛ ومن عارف مصلحته؛ وما إلى ذلك من تداعيات هجوم
الفساد العنيف على القيم الإجتماعية اليتيمة؛ بالغة الهشاشة؛ مما جعل مصر كلها
مرتعاً لكافة الجرائم الأخلاقية والوطنية؛ من إهدار كرامات الناس؛ إلى خيانة
الوطن؛ بذات البساطة؛ ونأى الصادقون بأنفسهم بعيداً عن مسارات الفساد؛ وآثروا الظل
والصمت.
.. لكن مصر لم تعدم أصواتاً صادقة؛ من حين لآخر؛ متناثرة؛ ولكنها مؤلمة
ونافذة؛ إستحقت الملاحقات الأمنية؛ لكنها ظلت تتردد في الأنحاء؛ إلى أن قاد الشباب
يوم 25 يناير الشعب كاملاً في ثورة ليس لها مثيل.
.. ووسط هذا الجو الخانق من الفساد لم تتأخر المخيلة الشعبية؛ بدورها عن
التهكم على (مبارك) وعصابة الفساد؛ فأطلقت مئات النكات التي تفضح منظومة النهب
العام؛ واستحلال أقوات وأملاك الشعب؛ كما كشفتها وأـكدتها مؤخراً تحقيقات الكسب
غير المشروع والنيابات بعد ثورة يناير وأظهرت بجلاء صدقية الوجدان العام؛ الذي كان
يستشعر معدل الفساد المتصاعد أولاً؛ بأول؛ وبقة مذهلة؛ لكن الناس الذين هدهم
الإستبداد؛ وعلقتهم السلطة في (ساقية لقمة العيش)؛ لم يكن متاحاً لهم؛ غير
(التنكيت) على الظالمين؛ وتبكيت أنفسهم بسبب خنوعهم وعجزهم؛ لكن الفساد كان شرساً؛
وآلة القمع لا ترحم؛ مما يؤكد إستحقاق (مبارك) لمصيره الذي لاقاه على يد الثورة
والقضاء ومؤخراً.
.. وتبقى في المخيلة الشعبية بعض
مفارقات متعلقة بالرؤساء الأربعة.
5- محمد مرسي
¨
(محمد
مرسي)؛ هو الرئيس الخامس لجمهورية مصر العربية؛ منذ 24 يونيو 2012؛ وأول رئيس
للجمهورية الثانية؛ الرئيس السابق لحزب الحرية والعدالة؛ وعضو سابق بمركز إرشاد
جماعة الإخوان المسلمين؛ وأحد القيادات السياسية بالجماعة؛ ونائب سابق بمجلس الشعب
المصري؛ عن دورة 2000 – 2005؛ وعمل رئيساً لقسم علم المواد بكلية الهندسة جامعة
الزقازيق؛ كما قام بالتدريس بعدة جامعات بكاليفورنيا.
.. إنتمى للإخوان المسلمين فكراً عام 1977؛ وتنظيمياً أواخر عام 1979؛ وعمل
عضواً بالقسم السياسي بجماعة الإخوان المسلمين؛ منذ نشأته عام 1992؛ ترشح
لإنتخابات مجلس الشعب 1995؛ وانتخابات 2000؛ ونجح فيها وانتخب عضواً بمجلس الشعب
المصري عن جماعة الإخوان وشغل موقع المتحدث الرسمي بإسم الكتلة البرلمانية
للإخوان؛ بعد أن دفع حزب الحرية والعدالة بالإتفاق مع جماعة الإخوان المسلمون
بـ(خيرت الشاطر)؛ مرشحاً لإنتخابات الرئاسة المصرية 20012؛ قرر الحزب في 7 أبريل 2012
الدفع بـ(مرسي) مرشحاً احتياطياً للشاطر؛ وترشح(مرسي) بعد استبعاد الشاطر.
.. تصدر كل من (محمد مرسي) و(أحمد شفيق)؛ الجولة الأولى لكن دون حصول أي
منهما على أكثر من خمسين في المائة المطلوبة؛ مما اقتضى إجراء جولة ثانية؛ بعد
أكثر من تأجيل؛ رافقتها بعض الشائعات؛ وإعلان حملتي المرشحين نفسيهما فائزين؛ استناداً
على محاضر لجان الإنتخابات حسب قولهما؛ (محمد مرسي) كان سباقاً إلى اعلان فوزه؛ رد
عليه (أحمد شفيق) بعقد مؤتمر صحافي معلناً فيه نجاحه أيضاً ما خلق إرتباكاً في
عموم مصر في يوم 24 يونيو 2012؛ أعلنت لجنة الإنتخابات الرئاسية المصرية (محمد
مرسي) فائزاً في الجولة الثانية من الإنتخابات بنسبة 51,7%.