البحث عن قصة – الذاكرة والجبكة


إعتاد “بيرنت” أن يقول لتلاميذه
في جامعة “كولومبيا “لا أعتقد أن بإمكانكم كتابة قصة قصيرة جيدة، دون أن
يكون بداخلكم قصة جيدة، وأفضل أن يكون لديكم شئ تقونه دون بناء فني، على أن يكون
لديكم بناء فني، دون شئ تقولونه”.

 

 

إذا افترضنا بأننا نود اجتذاب انتباه
القارئ، فالأهمية الأولى بالتأكيد “أن يكون لدينا شئ نقوله”. وهذا أفل
ما ندين له به، فنحن نطلب منه أن يعطينا ساعة من وقته، وتعاطفه كذلك، فنحن
كالممثلين على صفحة بيضاء دون رؤية، أو صوت، والحكم النهائي متروك له.

 

وإذا فشلت قصتنا، أو تمثيلنا، في أن نمتعه،
ونشد انتباهه، ويثير بعض العواطف لديه، فإنه لن يرغب في قراءتنا ثانية.

 

وهكذا.. فإن المشكلة التي تواجهنا في
البداية هى، كيف نعرف أن لدينا قصة تستحق أن تروى؟ وهل يمكننا التأكد أن القصة، أو
الشخصيةأو الحادثة، أو الحالة التي لدينا، لها الوزن والمعنى الكافي لتستحق أن
تسرد؟.

 

لسوء الحظ، لا يمكن التأكد من ذلك تماما،
لكن يمكن القول بأنه باستيعاب تجاربنا، وملاحظة أنفسنا، وأقراننا من البشر، ثم
إدراك حاجتنا لتوصيل ذلك إلى القارئ، من خلال القصة القصيرة، واعتنائنا الكافي
باللغة، بحيث تكون كل كلمة مقنعة في موقعها، حتى قبل أن نضعها على الورق. بمعرفتنا
لكل هذه الأشياء، قد نصل إلى درجة معينة من الإقتناع بموضوع قصتنا.

 

قد يبدو ذلك سهلاً، لكنه بالتأكيد ليس كذلك.

 

فالكاتب الجاد، لابد أن يتكلم بصوته الخاص،
لا بتقليد أخر سبقه، ولابد أن يعمل لإبداع صورة لرؤيته الفريدة، بحيث تبدو كلماته
على الصفحة نضرة كالطفل الوليد.

 

وهذا لا يعني أن تكون الفكرة، وبالتالي
الحبكة، والأحداث وخلفياتها، جدبدة نماما، فالطبيعة البشرية لم تتغير كثيراً عبر
القرون، لكن تجربة كل فرد في الوجود، فريدة في حد ذاتها، والقصة القصيرة الجيدة،
لابد أن تبدو وكأنها تخبرنا بشئ طازج له معنى. 
دون استعارة ملابس كاتب أخر، أو ارتداء ما اشتراه شخص أخر.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top