تأتي بعد ذلك مشكلة أي الشخصيات والتجارب، والأفكار المتراكمة في العقل المتشوق
للعمل .. يمكننا استخدامها؟. أي قصة
سنسرد؟. وأين يجب أن نركز اهتمامنا؟.
الكاتب
“أنتوني ترواوب” يعترف بأنه لم يعرف قط أين ستنتهي قصته حين يبدأ، كما
أن المشكلة لا تكون واضحة في ذهنه تماما قبل الكتابة.
كما
تحدثت الكاتبة “إليزابيث بووين” ببلاغة “عن عين الكاتب الطوافة
التي ترى كل شئ بحالة اندهاش، وتساؤل دائم، ولذا.. فليس من الضروري أن يبحث الكاتب
عن موضوعه، فهو كالطفل، دائما في حالة من الحساسية سريعة التأثر بأي شئ. بل أكثر
من ذلك، فإن الموصزع هو الذي يجد الكاتب، فأي شئ تقريباً، قد يجذب انتباه الكاتب،
ويمسك بخياله، ويثير فيض سرده، عبارة سمعها صدفة، صدى حادثة وقعت في شارع، وجه أو
شئ يلح عليه، أو رد فعل ذاتي ضئيل لحادثة عالمية قريبة .. إلخ”.
الإفتتان
مرة ثانية، هو الذي يثير الكاتب في أية لحظة، ليبدأ رحلة الإستكشاف التي تضع القصة
القصيرة في أفضل شكل لها، وإذا كان المشهد المعد يهز الذاكرة للقيام بإنشاء
العلاقات، فإن مهارة الكاتب الخاصة ، ولا وعيه، وانشغال ذهنه وحواسه بموضوعه، كل
ذلك يتولى عملية السرد، لتبدأ مرحلة الإبداع، فالسرد المسلسل للأحداث، لا ينتج سوى
الصحافة فقط، لكن إذا تضفر ذلك مع ذاكرة حساسة، فقد يكون الناتج فناً آنذاك.
وحين
تبدأ الكتابة، تدهشك الذاكرة بنزواتها في تخزينها، والعبارات في الذهن، ومشهد
معين، أو مشاهد لا يربطها رابط، وأحداث تبدو خارج الصدد لاهتمامات المرء الحالية
.. وتأمل لأسباب قيام شخص ما بعمل لا يعن له شيئاً، وتساؤل عن حيوات أناس غرباء.
لماذا يطفو كل ذلك فجأة على السطح؟.
لا
شئ سبق أن صدمك، أو أدهشك، آلمك أو سرك، يمكن أن ينسى ببساطة، الوجوه التي تمر بك
في الشارع، لابد أن تتذكر بعضها بوعي، أو بلا وعي، وسجلت بعض صفاتها، كشكل الجسم،
أو طريقة السير، الملامح الخارجية، الإنطباع بالعصبية أو الهدوء، أي شئ صغير من
هذه الومضة الصغيرة العابرة. ويوما ما ستستعيد ذلك، حتى وإن كنت لم تقصد.