معجزة الخلية
معجزة الخلية.. ومن قال أن “الخلية” مجرد “فتفوتة” تحت
“التليسكوب”؟، ولكنها مؤسسة قائمة بذاتها، لها نظام وإدارة، كما أن لها
عقل مدبر، وأن العقل المدبر للخلية يسمى “النوةاة”، ولكن ما هى تلك
النواة؟ إنها مجرد قطعة منمنة، لا يمكن أن تراها بالعين المجردة، قطرها بالكثير
واحد على عشرة ألاف من المللي، أي أنها جزء من 10 ألاف جزء من المللي، شئ تافه جداً،
شئ يشبه النقطة، تراها تحت “التليسكوب”، ومع ذلك، تلك النقطة الصغيرة
التي لا تراها بالعين، ولا حتى بالقوة الصغيرة للتليسكوب، هذه النقطة الصغيرة بها
مركز معلومات، وأرشيف، وورقة عمل بجميع الأنشطة اليومية التي تحدث في الخلية.
الخلية لها أصل:
إن الخلية لها “أصل” ينطبع منه باستمرار نسخ بالشفرة تتوزع على
أرجاء الخلية، بتفاصيل وكيفيات العمليات الكيمياوية التي تتم فيها. وهذا يرجع لأن
الخلية على صغرها هذا، بها مصانع، ومعامل تكرير، ويتم بها فك وتركيب وتصنيع
هرمونات، وتصنيع خمائر، والعديد من الإفرازات الأخرى. وكل هذا يتم بناء على ورقة
عمل تطلع من النواة، ويتم عمل صورة منها تتوزع على جميع أرجاء الخلية. وكل هذا
عبارة عن شفرات صغيرة جداً مبنية على المادة الغريبة المسماة “dna“،
كما أننا رأينا أن الخلية بها مخازن، يتم وضع المواد الزائدة في تلك المخازن من
بروتينات ونشويات، ودهون. كما أن بالخلية مولد طاقة، ومولد الطاقة معه وقود يشغله
من أجل حرق الأوكسوجين، ويُسير عربات نقل خرافية غريبة تنقل المواد إلى خارج وداخل
الخلية.
الخلية في المبدأ:
كما أننا رأينا أن الخلية في مبدأها، في الحيوان ذو الخلية الواحدة، كانت
تلك الخلية الوحيدة تقوم بكل تلك الوظائف التي ذكرتها، وكانت تلك الخلية تحاول أن
تخلق جميع الأعضاء، أي كانت بها بالفعل بدايات جميع الأعضاء، وقد رأينا كيف أنها
تقوم بتخليق أيد، وأرجل، وفم، وتخلق شرج لتخرج الفضلات، وكيف أننا رأينا فيها
بداية “كلية” عبارة عن حويصلة تفرز المواد الزائدة، وتتخلص منها، ومن
الممكن في ذات الخلية نجد نقطة حمراء، ونكتشف أنها بداية عين. أي أن جميع بدايات
الأعضاء كانت في تلك الخلية الوحيدة، وهى تحاول أن تقوم بكل الوظائف. تماماً مثل
واحد له شقة عبارة عن حجرة واحدة، فيحاول أن يفصل من تلك الحجرة جميع احتياجاته،
يضع بارفان هنا، وستارة هناك، ومكان للسقرة، ومكان للمطبخ، ومكان للصالون، ومكان
للنوم، وهنا تواليت. وهكذا.
جدار الخلية:
ومن العجيب أن نرى لتلك الخلية جدار، أو غشاء غريب جداً، ولو حاولنا أن نضع
الخلية في أي وسط، نلاحظ أن هناك فرق كهرباء ما بين خارج الغشاء وداخله، دائما في
حدود 90 مللي فولت، أي كما لو كانت تلك الخلية بطارية صغيرة، وقد رأينا أن هذا
الغشاء يتصرف بشكل عجيب، كما لو كان له رأي وموقف، وأنه أشبه ببواب، أو حارس، يسمح
أو يمنع مرور المواد إلى داخل الخلية بناء على تعليمات من الأمن المركزي، وهذا الغشاء
هو محور وظيفة الكلى، فهو غشاء راشح، ومن أجل هذا قلنا أننا لن نستطع فهم الكلى،
إلا إذا فهمنا الخلية، وبالذات إذا فهمنا غشاء الخلية، وأن هذا الغشاء ذي القطر “واحد
على مائة ألف مللي”، يقوم بوظائف غريبة، كما لو كان عقل إلكتروني.
ما هى الكلىة؟
إن الكلىة كعضو هى نفسها يتم وضعها في الكف، ويتم لفها في منديل، ولا تتعدى
الكيلو جرام، ورغم ذلك، لو توقفت تلك الكلية عن العمل، يموت المريض في ظرف أيام،
وهذا نتيجة تسمم دمه، لأن وظيفة تلك الكلىة الصغيرة، هى تنقية الدم من الفضلات.
ما هو القلب؟
إن القلب يضخ 7 ألاف لتر دم يومياً، أي حوالي 36 برميل دم، وربع هذه الكمية
من الدم، أي حوالي 8000 لتر، لازم تعدي على الكلية، أي حوالي 9 براميل دم، والكلية
تنقي الدم المارر منها، وتستخرج الفضلات من تلك البراميل التسعة، فيطلع حوالي لتر
واحد من البول. ومن هنا لو حدث عطل بالكلية، فإن المريض يموت غرقان في فضلاته.
هل يوجد علاج لتعطل الكلية؟
للأسف، إذا حدث عطل للكليتين، فلا علاج على الإطلاق، إلا بنقل كلية، أو
نركيب كلية صناعية، أو ما يطلق عليه الغسيل الكلوي، وهو جهاز يقوم بالغسيل، عبارة
عن كلية صناعية، وكانت بحجم الغرفة، والأن صار حجمها بحجم مكتب، أو دولاب. والمريض
لابد أن يقوم مرتين في الإسبوع بتمرير دمه من خلال الكلية الصناعية، ولمدة 10
ساعات بغرض تنقية 9 براميل الدم إياهم.
معجزة الكلية:
وبرغم صغر حجم الكلية، إلا أن بها سبعة أضعاف النسيج الفعال المطلوب لتنقية
الدم، أي أن الإنسان يستطيع أن يعيش بنصف كلية، ويمكن أن يعيش بربعها، ويمكن أن
يعيش بسبعها، والنسيج الذي يقوم بتلك المهمة المهولة، لا يزيد عن قطعه بحجم
إصبعين. ومن الغريب أن الله سبحانه وتعالى يمنحنا نسيج فعال 7 أضعاف ما نحتاجه
بالفعل!!!! وليس هذا فقط في الكلية، ولكنه في الرئتين كذلك، منحنا 7 أضعاف النسيج
الرئوي اللازم لتنقية الدم، وتهويته بالأوكسوجين.
معجزة الكبد:
وفي “الكبد” أكثر مما في
الكلية من معجزة، لأن “الكبد” كذلك به خاصية التجدد الذاتي، كما لو كان
الله أعطى الكبد مائة ضعف النسيج المطلوب، وهى حاجة تشبه مثلاً، لو ذهبت لشراء
عربة، فقام “الأجنس” بمنحك العربة، ومنحك معها 30 عجلة احتياطي، و30
كاوتش استبن، و 40 بطارية، و60 موتور، و4000 جالون بنزين، ومعها أيضاً سواق
مجاناً، وجراج مجاناً، وميكانيكي مجاناً، وكهربائي مجاناً، ومهندس مجاناً، وعامل
دوكو مجاناً. وبالطبع لو حصل ووجدت “أجانس” بهذا الشكل، ماذا تقول عنه؟
أكيد ستتحدث عن كرم صاحبه المهول، لإن لم يعطك عربة فقط، بكل ما ذكرت،ـ ولكنه
أعطاك كذلك فوق البيعه 7 صناديق قطع غيار للعربة
أيضاً. وهذا هو عين ما يفعله ربنا معنا، وأكثر من هذا. فالجسم الإنساني منحه الله
القدرة الهائلة على صيانة نفسه بنفسه، والتجدد الذاتي، وأنسجه احتياطية لا حصر لها،
ولكننا نتعامل مع نعم الله تلك بكل غباوة، وإهمال، وتدمير، ولا وصف لذلك، غير أن
الكثير من الناس تنتحر بهذا دون أن تدري، وحقاً تظل الصحة تاج على رؤوس الأصحاء،
لا يشعر بقيمتها سوى المرضى. سبحان الله.
إرسال التعليق