ميلاد نجمة
إذا كان من الصغب ميلاد إنسان، أو زهرة، أو صباح جديد، ، فإنه من
الصعب بمكان ميلاد نجمة، فليس من السهل صناعة نجمة، أو فنانة ، فهذا يستلزم الربط
بين الفن ووجدان الجماهير، وهذا يتعلق بين الصلة الفنية وأذواق الناس، والشئ الجديد
الذي يقدم لهم، وتقبل الجمهور لمقاييس ومواصفات النجحمة الجديدة، ومراعاة متطلبات المرحلة
التي تولد فيها النجمة.
والمرحلة التي شهدت ميلاد
النجمة “سعاد حسني” إختلفت تماماً عن تلك المرحلة التي شهدت نجمات
كثيرات، ممن سبقنها من نجمات الفن مثل “فاتن حمامة” أو “مديحه
يسري” أو “ماري كويني” أو “أسيا” أو “سميره خلوصي”
أو غيرهن من نجمات الأربعينات والخمسينات.
وظهرت “سعاد
حسني” ببساطة وتلقائية شديدة، فكانت تلك الفتاة، وقدمت من خلال أول فيلم دور
بسيط جداً، وهو دور “نعيمة” القروية الحلوة البسيطة، وكان تقدبمها صدفة
بحتة، فقد كان الدور يتطلب فتاة ريفية تظهر في موالد “طنطا”. ومن خلال
الحدوتة الشعبية الدرامية التي ذاع صيتها “حسن ونعيمة” والتي احتلت
مكانها بجانب “سفيقه ومتولي” و”بهيه وياسين” و”أدهم
الشرقاوي” ودارت أحداثها بين “طنطا” و”القاهرة” وتروي
قصة حب ملتهبة بين المغني “حسن” ومعشوقته “نعيمه.
كانت “سعاد حسني” تحلم بالسينما، وكانت تتردد على الأديب
المعروف “عبد الرحمن الخميسي” لتزوره، وهو الذي كان وراء تكوين العديد
من الفرق الفنية، وقد اكتشف وقدم الكثير من الوجوه الجديدة، وربطته صداقات عديدة
بالفنانين، الشعبيين مثل “زكريا الحجاوي”.
تحمس الخميسي لسعاد حسني،
وتعهدها بالتدريب وبالحفظ،، جنى استطالعت أن تقف أمام الكاميرا. وتحكي
“سعاد” عن تلك المرحلة بأنها كانت نبكي بمرارة عندما كانت تقترب أيام
التصوير، وكانت الأفكار تختلط في ذهنها، وتدور في رأسها، عندما عرفت بأنها ستمثل،
وستمشي وسط موالد، وستتحرك بين مجاميع، فكانت تخشى أن تضيع وسط هذه الجمهرة، ولم
تتآلف مع الكاميرا بعد، وهذا الخوف كان طبيعيا، لكنها كانت تمتلئ بالفرحة الغامرة،
لأنها بطلة في أول فيلم سينمائي تمثله، وهكذا ولدت “سعاد حسني” منذ
البداية نجمة، لأنها بدأت من أعلى السلم في دور “نعيمه” العالشقه لحسن
المغنواتي، وكان دورا متميزا وعرض الفيلم في الكثير من المهرجانات، وحظى بشهادة
تقدير من جمعية فن السينما. وتقول “سعاد” بأنها تعتز بدورها في هذا
الفيلم، برغم أنها لم تعط الفيلم الكثير من الأداء، لأنها لم تك تعرف الأداء
الدرامي كما ينبغي، والموهبة وحدها والعشق وحده لا يكفيان، فالنجمة التي تولد تكون
أشبه بالطفل الذي يولد ولا يستطيع الكلام بصوت عال، ولكن يكفي أن يكون لديه
استعداد التعليم، ويملأ عينيه وقلبه بالحب والفن والجمال .. وهكذا كانت
“سعاد” في أول فيلم لها طفلة بالغة، ومستعدة لأن تملأ روحها بالحب والفن
والجمال، لأنها ولدت لتكون نجمة كبيرة.