ما هو علاج وسواس الخوف من
الموت؟.. بعض المتعرضين للوسواس من الموت، يُظن أنه لن يقتنع بأن هذا وسواس حتى
يعرف أنه وسواس، فلو كان الموسوسين يعلمون بأن هذا وسواس ما وقعوا فيه، ولو كان
الناس الذين يذهبون لعيادات الطب، وهم بالملايين، لو كانوا يعرفون أن ما يدور في
صدورهم الأن وسواس من الموت، ما وقعوا في الوسواس من الأصل. ولذلك تجد الموسوس
يقول لك بأنه يشعر من الأن بأنه سيموت. وهناك من القصص الغريبة،
فقد قابلت أحدهم له 3 سنوات وهو يظن بأنه سيموت اليوم،ـ فأين عقله؟ ومن أخبره
بذلك؟ لا أحد، ولكنه وسواسه، وخوفه الدائم من فكرة الموت، ومن الغريب أن هذا الشخص
لا يعرف بأن الموت هو من فعل الغيب، فبعض الناس يدخل في حسبة أنه يشعر بالموت قبل
حدوثه بأربعين يوم، هل هو شاهد من يقول بهذا، أو من قال به، وهو مجرد فيديو شاهده
لأحدهم على اليوتيوب، وهو بلا شك هزل وهراء، ولم يؤتى ذلك إلا للقليل الناس جداً
من الصالحين الذين أشعرهم الله به، ليزيد من عبادته، أو ليقضي ديناً عليه قبل
ملاقاة ربه.. وهكذا.
ماذا يحدث للموسوس؟
والموسوس بفكرة الموت تمر
عليه الأيام تترى ولا يموت، ومع ذلك، ولأن الوسواس ترسخ لديه، فهو لا يكف عنه، فهو
في حالة انتظار دائم لموته، ويقول لنفسه سأموت اليوم، ويمر اليوم بسلام، فيقول
غداً سأموت، ويمر الغد بسلام، فتجده يقول إذن في العيد الكبير القادم، ويمر العيد
بسلام، فيقول سأموت في موسم الحج.. وهكذا دواليك في دوامة من الوسواس لا تنتهي
فصولها، فتنقلب حياة الشخص إلى جحيم من الوساوس والخوف من فكرة موته، ومغادرته
للحياة الدنيا.
فكرة الموت:
إن الموت لا يعرف موعده
لكل حي على وجه الأرض إلا الله، والإنسان المؤمن الذي يقيم شعائره، وعلاقته وثيقة
بالله، يعرف بشكل جيد بأن الموت هو مرحلة وانتقالة لحياة أخروية أفضل بكثير من
حياتنا الدنيا، كما أن الله أرحم بنا من أنفسنا، فأحد السلف حينما سألوه عن الموت،
قال “والله لو خُيرت أن تكون الجنة بيد أحد والديا، أمي أو أبي، أو بيد الله،
لاخترت أن تكون بيد الله عز وجل”. وهذا يرجع لحسن ظن هذا السلفي الصالح
بالله، جل شأنه، وهل رأيتم تلك الأم التي رمت ولدها في النار؟ قالوا لا يا رسول
الله، قال “إن الله عز وجل لأشد رحمة بك من تلك الأم” صلى الله عليه
وسلم.
الإحساس بدنو الموت:
إن مجرد إحساس اللشخص بدنو
الأجل، هو مجرد فكرة موسوسة لا أكثر، فالإنسان الطبيعي لنفترض أنه دخل محاضرة،
وتكلم الإمام، أو هذا الخطيب، عن فكرة الموت، فسوف يسشعر هذا الشخص بالخوف والرهبة
من الموت، ولكن لفترة مؤقته، بعدها ينسى الأمر، وينخرط في حياته اليومية بشكل
طبيعي. فالأمر كله مجرد أن الشخص تم تذكيره بفكرة الموت لا أكثر، وكفى بالموت عظة.
فذكرى الموت تخيف حقاً،
لأنه هادم اللذات، ومفرق الجماعات، ولكنه من المفترض به الخوف المؤقت بحدث التذكير
لا أكثر، كالمشيع لأحدهم لمثواه الأخير، فبعد انتهاء الجنازة والمراسم ومرور بعض
الوقت، طال أم قصر، يبدأ الإنسان بالنسيان تدريجياً.
ما الفرق بين الموسوس من
الموت والشخص العادي؟
إن الفرق واضح وضوح الشمس،
فالشخص العادي ينسى، ولا يتفكر بالموت، إلا من حين لأخر، ومع الحدث الذي يذكره به،
أما الشخص الموسوس من فكرة الموت، فتظل الفكرة تلازمه ليل نهار، ولا تفارقه أبداً،
لا في صحوه، ولا منامه. وهذا عذاب له ما بعده عذاب.
أضرار الوسواس من الموت:
إن لتلك الفكرة القاهرة أضرار
عديدة على الشخص، إذ تجده يهمل حياته، ويتبدد عنده الطموح لفعل أي شئ له قيمة، ففي
البداية قد يفعل هذا، أي يقوم بعمل العبادات، ومحاولة التقرب إلى الله، ولكنه مع
الوقت تنقلب الفكرة للسخرية، ومن ثم الإهمال، ولكنها تبقى فكرة مسيطرة، فتجد
الزوجة على سبيل المثال تهمل زوجها، ولا تجد للأمر قيمة، أو أهمية، إذ تتحول كل
أمور الحياة لتوافه لا تستحق الإهتمام؟ أولست سأموت، فعلام الإهتمام بأي شئ أخر..
وهكذا يدخل الموسوس في دوامة الزهد في الحياة، وأن لا شئ له قيمة ما دام سيموت في
النهاية. وبالتالي تظل فكرة الموت بمثابة الوسواس
القهري الملازم للشخص طوال الوقت.
علاج الوسواس من الموت:
إن العلاج ضروري من هذا
الوسواس، كي لا يدخل الشخص في حالة من اليأس والقنوط. وكل ما هناك، أن هناك بعض
الأمور التي من شأنها علاج تلك المشكلة، أذكر أهمها:
·
أن
لا يلتفت الشخص لفكرة الموت، فلا أحد يعلم أبداً ساعة أو موعد موته.
· أن يعيش الشخص حياته بشكل طبيعي، ولا يلتفت
لتلك الفكرة على الإطلاق، فعلى الشخص أن يبتسم للفكرة، ولا يقلق منها أبداً.
·
على
الشخص أن ينخرط أكثر وأكثر في شئون حياته اليومية، ويلفظ فكرة الركون والعزلة، ولا
يجلس وحده طويلاً.
·
لا
تجعل من الوسواس ضيفاً في غرفتك، أو زبوناً دائماً لديك.
· إذا وجدك الوسواس مطيعاً له، فسيركن معك حتى
تموت بالفعل، ولكن بعد رحلة من اليأس والقنوط والعذاب من الفكرة ذاتها، رغم أنها
الحقيقة الوحيدة في حياتنا.
·
أن
لا يعطل الشخص أي أمر من أمور حياته.
· الإلتزام بعبادة الله، واعتبار التقرب من
الله ديناً عليك، يجب أن تؤديه لله ولنفسك، من أجل أن تلازمك الطمأنينة على
مستقبلك الحقيقي، ألا وهو في الجبانة، فهذا هو مستقبلك الحقيقي، فاجعله مستقبلاً
مشرقاً بالعبادات، وعمل الخير، والغرس في الأرض لكل نبتة طيبة تنفع الناس في حياتك
ومن بعد مماتك كصدقة جارية.
· يجب أن يعلم كل شخص بأن رب البرية رحيماً
بعباده، فإذا جاء موعد الموت، فيجب أن تتيقن بأنك مقبلاً على حياة أفضل مما سبق.
ما
هو علاج وسواس الخوف من الموت؟.. شكرا لكم وأتمنى لكم الصحة والعافية.