كان لقائي بها عندما زارتنا؛ بعد أن صاحبت
أختي. بدت عيناها السوداوان؛ الواسعتان؛ في لمعة الشروق وهما ترقباني؛ تحتوياني.
كأن أختي سعاد أحست؛ فخرجت تعمل شاياً. بسرعة أسألها (أنت في أي مدرسة؟). رفعت
أهداب عينيها الطويلة؛ وقد تضرج وجهها بحمرة الخجل(أنا زميلة أختك في نفس الفصل؛
وجارتكم في أخر الحاره).
صوتها له مذاق عصير العنب؛ وشفتاها بلون رمان
منفلوط. هى خلاصة بنات الأرض؛ منها تفرعن؛ وعنها أُخذن؛
وإليها يعُدن. معطفاً ينبع دفئاً وسلاماً.
إبتلعت شهيقاًً.
سألتها (أتوجد مادة ضعيفه فيها؟). وفجأة (أنت سخيف؛ أهذا سؤال تساله لها؛ ألم
تتعلم شيئاً من أبيك؛ ليكن حديثك معها عن قطعان السحب التي ترعى في حقول السماء.
أو عن الغزلان التي تركض في الصحراء؛ تبحث عن منبع الشمس. أو عن نضارة العشب. أو
نعومة أوراق الورد؛ أو كبرياء الأشجار. أو عن أي شئ آخر في الكون له بهجة هذا
البهاء؛ وروعة هاتين العينين). وأجدها تهتم بسؤالي؛ ويهتز شعرها؛ وتبتسم قائلة (الفرنساوي).
بعغرتة (هذا
بالذات لعبتي؛ ومستعد لمنحك درس بلا أجر).
ياااه؛ لم أسمع
واحدة تنطق حرف السين بهذه الحلاوة؛ وتلك الطلاوة؛ خاصة إذا كان يتوسط كلمة (مِِرْسي(.
تدخل أختي سعاد
بأكواب الشاي؛ تضعها على طاولة جانبية. ثم تبدأ فتاتي التقليب
في كراسة كبيرة. تتشاغل عنا. تبادلنا الإبتسام. تحول عينيها اللوزتين عني. يكتسي
وجهها بحمرة شفيفة. وفي الإثر تغادر أختي؛ فأتسحب كالثعبان؛ أخطفها في قبلة على
خدها تنتفض لها؛ ثم تلطشني صفعة تهد نمراً؛ قبل أن تغادر منزلنا إلى الأبد!!!!.