كانت أسرة (مرزوق) تتكون من ستة نفر؛ هم: الأب والأم والغلامان: (مفيد) و(ماجد)؛
والفتاتان:(جميله) و(حبيبه)…
وفى أحد أيام العطلة…
إستيقظوا جميعاً مبكرين…
وكان يوماً دافئاً؛ جميلاً؛ وبعد تناول وجبة الإفطار الخفيفة؛ قصدت الأم
إلى المطبخ من جديد لتعد بعض الفطائر؛ وقصدت (جميله) و(حبيبه) إلى حوض الغسيل
لتتعاونا فى تنظيف الأطباق؛ أما الأب فصعد إلى سطح المنزل ليطمئن على حمامه الزاجل
في برجه الصغير؛ ويقدم له إفطاره من الحبوب؛ وأما (مفيد) و(ماجد) فأخذا ينظفان أرضية
السطح بالمكنسة…
فلما دقت الساعة إحدى عشرة دقة؛ كان كل فرد فى الأسرة قد أتم عمله؛ إلا
الأم؛ إذ كانت لم تزل فى المطبخ تعد طعام
الغداء…
وبينما كان الأولاد الأربعة يغسلون وجوههم وأيديهم من أثر العمل؛ سمعوا طرقاً على الباب؛ فأسرعت جميله
لتفتح؛ فإذا صديقتاها: (ليلى) و(سعاد)؛ فقصدت إلى أمها فى المطبخ؛ وقالت لها: يا
أمى لقد حضرت (ليلى) و(سعاد) لتلعبا معى؛
فهل أدعوهما للغداء معنا؟.
فابتسمت الأم؛ وقالت: نعم؛ وقد دعوت أنا أيضاً أختى وابنتها…
وسمع الأب حديثهما من بعيد؛ فقال: وأنا أيضاً أتوقع أن يحضر أخى (مسعود)
اليوم ليتغدى معنا؛ فقد وعدنى أن يحضر
لنتفق على صفقة تجارية نبدؤها معاً فى الغد.
فدهشت الأم؛ وقالت: أحسنت إذ أخبرتنى الآن بهذا؛ فما يزال لدى فسحة من
الوقت لإعداد طعام كاف.
ثم التفتت إلى ولديها؛ وقالت: أيكما يذهب إلى السوق مرة أخرى ليشترى مزيداً
من الخبز؟.
وكان (مفيد) على مقربة؛ فقال: سأذهب أنا يا أمى فإن لى حاجة فى السوق.
ثم مضى؛ وبعدها نادت الأم حبيبه؛ وطلبت إليها أن تعد المائدة؛ فلما ذهبت
لإعدادها تذكرت أمراً فقالت لأمها: إننا
نحتاج اليوم يا أمى إلى مقاعد كثيرة؛ فقد دعوت منذ أمس إبن خالى أحمد ليتغدى معنا
اليوم…
فكاد الطبق يسقط من يد أمها لشدة دهشتها؛ فوضعته على المائدة؛ وأخذت تحصى
على أصابعها عدد الذين سيتناولون الغداء: ستة؛ ثمانية؛ عشرة؛ أحد عشر؛ إثنا عشر.
وتركت (حبيبه) أمها مشغولة بالعد والإحصاء؛ وذهبت لتطلب إلى أخيها (ماجد)
أن يحضر لها بعض ما تحتاج إليه من السوبر ماركت؛ فوافقته مقبلاً ومعه اثنان من
أصدقائه…
وكادت الأم أن تجن حين أنبأها (ماجد) بأنه دعا صديقيه ليتغديا معه رداً على
دعوتهما له فى يوم مضى…
وذهب الأولاد الثلاثة إلى السوبر ماركت ليحضروا ما طلبته الأخت…
ثم لم يلبثث (مفيد) أن عاد من السوق ومعه إبن عمه (أشرف)؛ وقال لأمه: لقد
لقيته فى السوق فدعوته للغداء معى؛ إذ كنا على موعد للذهاب معاً إلى السينما فى المساء.
وقفت الأم حيرى لا تدرى ماذا تفعل؛ وقد بلغ العدد خمسة عشر؛ ورآها الأب فى
حيرتها؛ فقال لها: إن الطعام كثير؛ ولن يكون بيننا غريباً؛ فماذا يقلقك؟.
قالت: إنها خمسة عشر؛ والمائدة لا تتسع لغير عشرة؛ أو إثنى عشر؛ فأين
يجلسون جميعاً؟.
قال الأب: فلنأكل على السطح؛ إنه خير مكان يصلح لهذه المأدبة الحافلة.
قالت؛ وهى تمط شفتيها: حافلة بالعدد لا بألوان الطعام.
قالت جميله: لا يا أمى إن ألوان
الطعام كافية؛ مشهية؛ وإن فى السطح متسعاً؛ وفكرة أبى طريفة.
قالت الأم: لسنا نملك غير هذا؛
فهيا جميعاً يا صبيان ويا بنات لتشتركوا فى إعداد مأدبة السطح.
واقترب موعد الغداء…
وبدأ الضيوف يفدون…
فأخذ الرجال والنساء والصبيان والبنات يساعدون الأم فى نقل الطعام؛ ثم جلسوا جميعاً على السطح؛
مستديرين حول مأدبة حافلة؛ فأكلوا هنيئاً؛ وشربوا مريئاً؛ وضحكوا ملء بطونهم؛ وكان
يوم سعيداً لم يظفروا بمثله من زمان…
ولكن الغلامين والفتاتين قد شعروا جميعاً على الرغم من سعادتهم بهذا
الإجتماع اللطيف وذاك الطعام الشهى بأنهم
كانوا مخطئين لأنهم لم يخبروا أمهم بأنهم قد دعوا أصدقائهم إلى الغداء معهم قبل
الموعد بزمن؛ واتفقوا جميعاً على أن
يخبروها كلما دعوا صديقاً؛ أو قريباً؛ إلى
الطعام قبل الموعد بوقت كاف؛ لتأخذ أهبتها كاملة؛ وتدير أمرها على الوجه اللائق.
تمت