هدية العيد.. ّ!

هدية

 

 

كان (علاء) شاباً مهذباً؛ أشتهر فى المدينة بالأدب؛ وحسن السيرة؛ وكانت
زوجته (سوسن) شابة مهذبة مثله؛ أشتهرت بين رفيقاتها بالأدب؛ وحسن التدبير…

وكان (علاء) عاملاً أجيراً فى إحدى الشركات
براتب شهرى قليل؛ ولكنه كان سعيداً به؛ 
قانعاً كل القناعة لتدبير زوجته؛ وحسن تصرفها…

وذات يوم؛ وقعت الشركة التى يعمل بها فى
أزمة مالية؛ فاستغنت عن بعض عمالها؛  وكان(علاء)
من بينهم؛ فعاد إلى منزله حزيناً؛ مهموما؛ ولكن زوجته لم تكد تراه حتى هونت عليه
الأمر؛ وقالت له:لماذا تحزن يا(علاء)؟. أليست الأرزاق بيد الله؟. إننا يا زوجى
العزيز نملك وفراً من المال يكفينا حتى يأتى الله بالفرج.

طابت نفس (علاء) وانشرح صدره؛ وأخذ يبحث عن عمل آخر؛ وهو راضى النفس؛ هادئ
البال…

واستمر (علاء) وزوجته (سوسن) ينفقان مما وفراه من المال حتى نفد؛ ولكن الله
من عليهما بلطفه؛ فلم يكد ينفد آخر جنيه معهما حتى وجد (علاء) عملاً جديداً براتب
شهرى أقل؛ فخاف ألا يكفى هذا الراتب الضئيل بحاجاته وحاجات زوجته؛ ولكنها كانت
كريمة؛ طيبة النفس؛ فقالت له: هذا فضل كبير 
نشكر الله عليه؛ ولسنا فى حاجة إلى أكثر منه.

فاطمأن (علاء) وهدأت نفسه؛ وشكر الله على نعمته؛ وفضله.

وكانت (سوسن) تبزل كل ما تقدر عليه من جهد وحيلة لتستكفى بهذا الراتب
الضئيل؛ تفريجاً لهم زوجها؛ وتيسيراً عليه؛ فتستغنى بالثوب القديم عن ثوب جديد؛
وتكتفى بالطعام الرخيص عن الطعام الشهى؛ وتقتصد الجنيه إلى الجنيه لتنتفع بما
توفره فى وقت الحاجة…

واقترب عيد زواجهما؛ فأخذت (سوسن) تفكر فى هدية ملائمة تهديها إلى زوجها فى
يوم العيد على عادتها معه فى كل سنة…

وأخذ (علاء) يفكر فى هدية ملائمة كذلك يهديها إلى زوجته كعادته معها منذ تزوجا…

وأحصت (سوسن) ما وفرته من الجنيهات؛ فإذا به لا يزيد على جنيهات قليلة؛
فقالت لنفسها: وماذا أفعل بتلك الجنيهات القليلة؟. وأى شئ يمكن أن أشتريه بها؟.
لأهديه إلى زوجى؟.

وتذكرت (سوسن) السوار الجميل الذي كان زوجها يتمنى أن يشتريه ليجعله فى
ساعته بدلاً من السوار الجلدي القديم؛ وهو سوار فضي يساوى بضعة عشرات من الجنيهات؛
فقالت لنفسها يائسة: ومن أين لى بهذا المبلغ لأشتريه له؟.

أما (علاء) فلم يكن معه جنيهاً؛ ولا نصف جنيه؛ فقال لنفسه قلقاً: ومن أين
أشترى لزوجتى هدية العيد لأسرها فى هذه المناسبة السعيدة؟.

وتذكر (علاء) فى تلك اللحظة مجموعة الأمشاط والدبابيس الجميلة التى كانت
زوجته تتمنى أن تشتريها لتزين بها شعرها الجميل؛ وهى مجموعة ثمينة تساوى بضعة عشرات
من الجنيهات؛ فقال لنفسه يائسا كذلك: ومن أين ببضعة جنيهات لأشتريها لها؟.

ونظرت (سوسن) إلى مرآتها؛ فرأت شعرها الذهبى الجميل يتهدل على جبينها؛
فتذكرت إعلاناً قرأته منذ أسابيع فى إحدى الصحف عن محل من محلات التجميل يشترى شعر
السيدات ليصنع منه ضفائر صناعية تشتريها بعض السيدات القصيرات الشعر ليتجملن بها
لأزواجهن؛ فقالت (سوسن) لنفسها: كم يساوى يا ترى مثل هذا الشعر الجميل الذى يزين
رأسى؟.

ثم خطرت لها فكرة فقصت شعرها؛ ثم ذهبت إلى محل التجميل فباعته له؛ فاشترت
لزوجها السوار الفضي الذي كان يتمناه…

ولم تكد (سوسن) تعود إلى المنزل حتى بدأت تفكر فى زوجها حين يراها مقصوصة
الشعر: أيرضيه ما فعلته؛ أم يغضبه؟.

ولكنها لم تستمر فى تفكيرها طويلاً؛ فإن زوجها لم يلبث أن حضر…

ونظر (علاء) إلى زوجته؛ فأطال النظر؛ ولكنه لم ينبس بكلمة؛ ولم تستطع
(سوسن) أن تعرف من نظراته  أهى نظرات غضب؛
أم نظرات دهشة وعجب؛ فاقتربت منه قائلة: هل ساءك أننى قصصت شعرى يا زوجى العزيز؟.  إنه لا يلبث أن يطول كما كان؛ وقد بعته لأشترى
لك هذا السوار الذي كنت تعجب به؛ فهل أنت غاضب؟.

وأفاق (علاء) من دهشته؛ ثم قال: آه…. نعم…. لا…. ولكنك حين تنظرين
إلى ما فى هذه العلبة ستعرفين لماذا عقدت الدهشة لسانى عن الكلام؟.

ثم دفع إليها العلبة فرأت بها مجموعة الأمشاط والدبابيس التى كانت تعجب
بها؛ فترغرغت عيناها بالدموع ثم قالت: إن شعرى لا يلبث أن ينمو فأزينه بهذه الهدية
الغالية؛ فخذ أنت هذا السوار الفضي؛ واجعل فيه ساعتك لترى وأرى معك كم هو جميل.

قال الزوج: فلنرجئ تبادل الهدايا 
لوقت آخر يا عزيزتى.

ونظرت إليه (سوسن) ففهمت من عينيه كل شئ؛ فأخفت وجهها فى صدره؛ وهى تقول:
أبعت ساعتك لتشترى هذه الهدية؟.

تمت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *