زيارة تاج محل العجيبة

  

 


     
أمسك كيمو بذراع خاله وهو يقول مدهوشاً:

ألم نكن منذ لحظات فوق جبال هملايا؟

     
فابتسم مسعود وقال:

بلى قد كنا هناك يا كيمو منذ لحظات أما
الآن فنحن على بعد سحيق من جبال هملايا ومن قمة إفرست فإننا الآن في (آجرا) حيث
تشاهد بعد قليل أعظم بناء تاريخي في الهند بل في العالم كلف ذلك هو القبر الذي
بناه الشاه (ديجهان) لتدفن فيه زوجته والذي يسمونه (تاج محل)

     
قال كيمو:

إنني لا أكاد أصدق يا خالي أننا نجونا من
تلك العاصفة الثلجية التي كادت تحطمنا في مجاهل الجبال وأقول لك الحق يا خالي:
إنني كنت في أشد الخوف!

     
قال مسعود:

لقد إستطعت في اللحظة الأخيرة أن أدير
جهاز طائرتي وأجذبك معي بين زئير الرياح وزمجرة العاصفة ولولا ذلك لهلكنا في مجاهل
الجبال ولم يقف لنا أحد على أثر!

     
وكان السائحان الصغيران قد وصلا في أثناء هذا الحديث إلى (تاج محل) فهبطا
في حديقة غناء تحيط بذلك البناء الخالد

     
وكان البناء كله من المرمر الأبيض التقي المجلوب
من
محجر جبل (ماكراتا) والذي يبعد 563 كم (في إقليم راجستان)
 وتم استحضارالحجر
الرملي الأحمر من دلهي كما أحضرت الحجارة الكريمة بالقوافل من كل أنحاء الأرض :
اليشب من البنجاب والعقيق الأحمر من بغداد والفيروز من التيبت والملكيت واليشم
والكريستال من تركستان وغيرها من اللؤلؤ والماس والزمرد والصفير. أكثر من أربعين
نوعاً من الأحجار الكريم
ة

     
ويقع البناء على مصطبة كبيرة مربعة مغطى سطحها بالمرمر الأبيض وأقيمت عند
كل زاوية من زوايا المصطبة مئذنة متناسقة الأجزاء عالية ارتفاعها 37 م. يحيط بدائر
كل منها ثلاث شرفات وفي وسط المصطبة يرتفع الضريح في شكل رباعي وتشغل الجزء الأوسط
من البناية القبة الرئيسية وقطرها 17 م وارتفاعها 22.5 م وحولها مجموعة من القباب
العالية ذات لون
أزرق صاف كأنما تنعكس عليها زرقة السماء الصافية ولكل
من واجهات البناية الأربع مدخل عال مغطى بعقد وتحت القبة الكبرى التي تعلو وسط
البناية ضريح
ان
وكلاهما مزخرف بالنقوش
وتحيط بالبناء كله حديقة نضرة ذات أشجار
وثمار وأزهار قد فاح عبيرها العطر إلى مسافة بعيدة
كما تم تزويد المبنى بثلاث
بوابات رئيسية وبالدخول عبر بوابة التاج الهائلة المبنية من الحجر الرملي الأحمر ويظهرعلى
يمين البوابة غرف العمال والمهندسين الذين بنوا المكان وفي أعلى البوابة الضخمة
تطل اثنتان وعشرون (22) قبة صغيرة تشير لعدد السنوات التي إستغرقها بناء تاج مح
ل كما
تم بناء منحدر بطول عشرة أميال عبر أكرا لتحقيق إمكانية سحب مواد البناء إلى قمة
القبة في موقع البناء وللتمكن من رفع القبة شيدت سقالة هائلة حيث تطلب هذا الجزء
من المبنى على وجه الخصوص الكثير من الجهد والمال ويقال إن القبة وحدها كلفت أكثر
من باقي المبنى كله وتقول الأسطورة إن شاه جيهان حين اقتراب تاج محل من النهاية
قيل له إن تفكيك السقالة سيستغرق خمس سنوات فما كان منه إلا أن أعلن أن كل من يرفع
قرميدة تصبح ملكاً له وإذ بالمهمة تنتهي بين ليلة وضحاها
!

      ومن الجذير بالذكر يا كيمو أن مدينة (ممتاز
أباد) تنامت حول المشروع لإيواء العمال الذين اشتغلوا عشرين عاماً لبناء الصرح
!

     
قال كيمو وهو ينظر حواليه إلى هذا الجمال المتعدد الألوان:

ما هذا كله يا خالي؟

     
قال مسعود:

إن بناء هذا الأثر يا كيمو –كما قلت لك قد
استغرق عشرين عاماً واشترك في بنائه عشرون ألف عامل وقد بناه الشاه (ديجهان) في
سنة 1630 ليكون قبراً لزوجته التي كان يحبها أعظم الحب فحلف أن يبني لها قبراً ليس
مثله قبر في العالم كله وقد صدق الشاه في يمينه وبنى هذا القبر العجيب ولكنه لم
يكد ينتهي من بناءه بعد عشرين سنة قضاها في جهد متصل حتى وافاه أجله كذلك فدفن إلى
جانب زوجته الغالية في قبر مجاور للقبر الذي بناه لها

     
قال كيمو:

حقاً إنه قبر عظيم ولكنه ليس أعظم من
الأهرام الثلاثة الكبيرة الضخمة التي بناها فراعنة مصر القدماء ليدفنوا فيها بعد
موتهم وإن أصغر هرم من الأهرام التي رأيناها في صحراء الجيزة ونحن في طريقنا إلى
الشرق لأعظم وأضخم من قبر الشاه ديجهان وزوجته!

     
قال مسعود:

صدقت يا إبن أختي ولكن لا تنس أن أهرام
الجيزة إذا كانت تمتاز بالعظمة والضخامة التي تدل على الجبروت والقوة فإن هذا
القبر يمتاز عليها بالحنان والرقة وبين العظمة والجمال فرق كبير ولا تنس كذلك يا
كيمو أن هذا الأثر الجميل يرمز بجماله ورقته إلى معنى من معاني الوفاء بين المحبين
لا تجد مثله في آثار الفراعنة المصريين!

     
قال كيمو:

هذا حق يا خالي فقد بذل الشاه كثيراً من
ماله وصحته وفاء لذكرى زوجته المحبوبة حتى لحق بها ودفن إلى جوارها في القبر الذي
بناه لها وإنه لإخلاص عظيم يُضرب به المثل!


من ووايتى للطفل “كيمو في بلاد العجائب”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *