أنا وردة بنت الصباح؛
وأُخت الندىَ. أظهر مع الشمس، مستديرة كقرصها، جميلة كوجهها، لكنى لست ملتهبة
مثلها، لآن دموع الندى تتقاطر على خدى، فتبتلبها ورقاتى، وتزيدها برداًوليناً؛ ويسطُع عليها ضوء الشمس فتتلألأ، كآنها
فصوص الماس زانت ملكة الطبيعة، وقد جلست على كرسيها السندسى، فيتمايل بها ذات
اليمين وذات الشمال، عند ذاك يستيقظ الناس صبحا من مضاجعهم، ويفتحون نوافذ
حجراتهم، ويقفون فى شُرفات منازلهم؛ فيبصرونى فى الحديقة، وقد رصعت منى نواحيها،
بمختلف الألوان، كآنى جواهر حِسان، أو مصابيح الكهرباء، أو نجوم فى السماء،
فيمتعون أبصارهم بجمالي، ويستقبلون النسيم العليل، يحمل على أجنحته رائحتى الطيبة،
وأريجى العطر، يشرح صدورهم.. فينشطون من الخمول؛ ويهيج نفوسهم؛ فيبعد عنهم الكسل
والفتور، ثم تمتد أيديهم لمعانقتى قبيل أن يغادروا المنزل، ليودعوا الراحة؛
ويستقبلوا العمل، فيقطفونى فى رقة ولين، وأتخذ مجلسي فوق الصدور، رمزاً للسعادة
والسرور، وكثيراً ما أكون زينة السرادقات الفخمة، إصصاً على جانبي طريقها، وأقواسا
على أبوابها، وطاقات على مناضدها. وماذا يمنع أبصار المدعوون سواى، ويسُر نفوسهم
غير رائحتي الحلوة؟ وقد جلسوا يتجاذبون معسول الحديث، أو يتناولون شهى الطعام فى
المجتمعات الحافلة، والمطاعم الفاخرة، وأى كائن يباهينى فى جمالي ورقتى، ويبارينى
فى بديع لونى، وجمال طلعتى؟ ولمس الحرير يؤثر فى جلدي، وعرك الأصابع يقطع ثيابى.
أنا من أعرت الخدود حمرتها؛ والثغور ابتسامتها؛ وتوجت العروس بإِكليل منى، وقد
زُفَّت إلى عريسها، تقطف أولى ليالى سعادتها. كما أنني هدية الأصدقاء، ورمز المحبة
والوفاء، وزينة حُجرة الإستقبال، وعروس المكاتب . ونماذج رشيقة تزخرف بأشكالها
سُقف المنازل، وتزخرف الملابس؛ ومنى تُستخرج الرائحة الذكية التى تعطر الثياب،
وتحيى النفوس، ويُتخذ ماء الورد الذى يضاف إلى الحلوى، فيكسبها أرجاً، والأدوية
الطبية التى لا يستغنى عنها فى إزالة المرض وشفاء الناس.