إذا
كانت الرواية تتعلق بنمو الشخصيات، أو المواقف، فإن القصة القصيرة هى لقطة درامية
من نمو الشخصية، أو شريحة من حياة مقتطعة من سياق كامل، ومع ذلك. يمكننا القول بأن
كل شكل منهما له حبكة.
وقد تكون الحبكة عن أشياء كثيرة، الشخصية أو الخيال، السخرية أو المنطق،
وغالباً عن غير المتوفع، والحبكة لا تدهش القارئ فقط، بل المؤلف أيضاً، والحبكة
الجيدة ممتعة لكل قارئ.
فما الذي يجعل من الحبكة حبكة جيدة؟
الأكثر أهمية هنا هو التماسك والمنطق النابع من الحالة نفسها، ثم وجهة
النظر، فنحن لا نقترب من الشخصيات الثانوية المرخة بإجلال، إلا إذا كان هدفنا
السخرية، ولا نخلق مشهد عن الموت في جو مرح، إلا إذا كنت تملك موهبة كبيرة
كـ”مارك توين”، و”يوسف إدريس”، و”روسيتي”، وليس
معنى ذلك أن المعاني العميقة لا توجد في الكوميديا، أو أن المواقف المرحة، لا
تستخدم أحياناً من أجل الترفيه في القصص المأساوية، لكن كما قال الكوميدي الكبير
“بي جي . وردهاوس” “إن الحبكة هى التي تحدد الجو الذي تكتب فيه
القصة القصيرة، وليس العكس”.
قد تأتي الحبكة، كما قلنا، من الذاكرة، أو من ردود الفعل الذاتية للتجارب –
في الواقع لابد من وجود بعض المشاعر والأحاسيس في أي سرد خيالي- أو من أي موقف
استفزازي شاهدناه، أو قرأناه، أو سمعناه، (وشاية مثلاً)، وقد توجد الحبكة في الخبر
اليومي – ليس في الأحداث الكبيرة جدا التي تكون قد شبعت سرداً وتخيلاً – كفقرة
صغيرة تتوافق مع بعض الأفكارفي ذهن المرء، أحداث صغيرة مؤثرةعلى حقائقها العارية
يمكن أن يعمل خيالنا.
لقد قرأت ذات مرة فقرة صغيرة ظلت تعذبني لعدم كتابتها سنوات، مع أن
إمكانياتها كبيرة، وقد كانت عن سيرك جوال في مكان ريفي، وكان هناك عامل يجمع
الأشياء الخشبية غير المستعملة التي تستخدم كبدائل للعب السيرك والمراجيح الدوارة،
مثل الأحصنة والعربات والدمى، كي يحزمها لتشحن إلى قرية أخرى، حين صادف في القصة وسط
هذه الأشياء، جثة رجل متخشبة، ومن الواضح أنه قتل، لم يعرف أحد من هو، ولم يره أحد
من قبل، ولكن شخضا ما ألقاه، وسط كركيب السيرك.
ما زلت أرى أنني يجب أن أكتب تلك القصة يوماً ما، أو ربما يفعل ذلك أحد
القراء، فيبدع مأساة، ويعيد خلق حياة مؤثرة لرجل ميت،.