إكسب معركة القصة القصيرة
قد يكون
عالم الطفولة غريباً عند بعض الكتاب الذين تركوه وراءهم، ولكن بعض عمالقة القصة
القصيرة استطاعوا أن يسترجعوه، ويعيدوا خلقه ثانية، كما فعل د. ه لورنس في قصته “الفائز
بالحصان الهزاز” أو الكاتبة “كاترين مانسفيلد” في قصصها التي أعادت
فيها خلق عالم طفولتها، في نيوزيلندا، وقدمت لنا عالم الأطفال الحيالي ببصيرة
نافذة لم تُكتب من قبل.
ولقد تخطى “ج.د. سالنجر” حدود
العمر والنوع الأدبي بشكل كبير، حتى أن أحد النقاد قد كتب “إني لا أحب
سالنجر، فهو يخبرنا بأكثر مما يجب، بأكثر مما نريد أن نعرف، لقد قدم لنا بموهبته
القوية شخصيات طفولية ليس من السهل تمييزها في عالم البالغين، ومع ذلك نصدقها
بدرجة كبيرة.
إن معظم القصص التي نذكرها لأي جيل، سواء
القصص القصيرة أو الأكثر طولا، في شكل قصة طويلة تبدوا دائما وقد تطورت تطورا
طبيعياً من لحظة مكثفة شاهدناها فسحرتنا، وتطابقنا معها شخصياً في معظم الأحيان،
مثل قصة “سكوت فيتزجرالد” “الجوهرة الكبيرة” أو قصة “ثلج
كليمنجارو” لهمنجواي، أو قصة “موت إيفن إيلتثر” لتلستوي، أو قصة
توماس مان “الموت في البندقية” فكل منها لها أصلها أولا في حساسية
الكاتب لردود أفعاله ومشاعره، ثم في قدرة خياله على البدء في الحدس والإدراك، وأخيراً
تطوير كل ذلك إلى عمل فني من خلال المهارة والمنطق الخاص بالعمل، والعبقرية
الفردية.
إن القصة القصيرة الجيدة تبدو لغير الكاتب
كالزواج المثالي السهل تحقيقه، لكنها بالنسبة للكاتب قضية أخرى، من الحب والشك
والرغبة والنزاع والعمل والثقة.
قال “روبرت فروست” بوماً “كل
جنرال يخوض معركة يود أن يحصل على أكبر قدر من المعلومات قبل أن يتقدم، وكل خسارة
أو مأساة تحدث لك، أو تواجهها يكون سببها نقص المعلومات”
وهذا يصدق على الكاتب في كل مرحلة من حياته، فالإستعداد
للمعركة لابد أن يُنجز أولاً، ولكن بقيادة الهجوم بمهارة، والتغلب على العقبات
الأولية، والإستعداد لتقبل النتيجة، سواء حققت النصر، أو فشلت”.
فكل ذلك يرجع إليك، فالقصة القصيرة الجيدة هى
معركة كسبتها، وعليك أن تعد العدة لنصر أكبر في الغد.
إرسال التعليق