العظيمة.. في أمريكا، على سبيل المثال، يتم قياس نجاح أي حاكم، بما استطاع توفيره
من نقود لكل مواطن، أي يجعل جيوبه عمرانه بالدولارات، وكذلك حسابه البنكي، فهذا هو
الدليل الوحيد على نجاح الحاكم، وعمله من أجل شعبه، لا لشئ، إلا لأنه جاء بانتخابات
ديمقراطية، ومن أجل دورة ثانية رئاسية، كان الجهد والإجتهاد من أجل المواطن،
لينتخبه وحزبه من جديد، سواء كان هذا الحزب الديمقراطي، أم الجمهوري.
نعم، إن الديمقراطية هى
الضمانة الوحيدة لرفاهية أي شعب، فالكل يعمل من أجل المواطن، إبتداءً من رئيس
الجمهورية، وحتى أصغر موظف في دولاب الدولة، فالكل جاء بالتصويت الإنتخابي الحر،
وبالتالي الكل يتسابق من أجل إرضاء الصوت الإنتخابي، أي المواطن.
وفي ظل الديمقراطية يتقلص
الفساد لأدنى درجة، لأن كل موظفي الدولة تحت الرقابة، سواء كانت رقابة إعلامية، أو
برلمانية، أو كانت رقابة من أجهزة مستقلة تماماً، وبالتالي، تصبح موارد الشعب
والناتج القومي تصب كلها في تحقيق رفاهية المواطن.
ومن ضمن الفوائد الأساسية
للديمقراطية، أنها لا تؤله الحاكم، بل الأمر شورى، ولا يُتخذ القرار بصورة فردية،
فلا تقع الكوارث، من قبيل اتخاذ قرار
بالحرب على سبيل المثال، ودون الرجوع للمختصين، كما حدث حين اتخذ الرئيس المصري
الراحل “جمال عبد الناصر” قراره بإغلاق مضيق العقبة في وجه العبور
الإسرائيلي بسفنه من المضيق، والطلب من المراقبين الدوليين بسيناء المغادرة، فكانت
الحرب بين مصر وإسرائيل عام 1967، والتي انتهت بهزيمة ساحقة لمصر، لازلنا نعاني من
أثارها حتى اليوم، والسبب هو الإنفراد باتخاذ قرار المواجهة، بدون حسابات لردة
الفعل، ولا للموازين الدولية في هذا الوقت.
كما أن من ضمن أهم الفوائد
للديمقراطية، هو اطمئنان رأس المال الأجنبي للإستثمار والقدوم للدولة الديمقراطية،
فلا وجود لحاكم متسلط، يمكنه في لحظة مصادرة ما يملكه المستثمر، بل وسجنه إن لزم
الأمر، وهناك من الأمثلة على ذلك ما لا يعد ولا يحصى، وكلها من الدول المحكومة
بالأنظمة العسكرية، أو البوليسية، والتي يكون فيها الحاكم هو سيد قراره، ولا معقب
أو رقيب على تصرفه، فهو رب الجميع الأعلى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كما أن، لا وجود للإبداع
في كل المجالات مع وجود الجو المسمم بالديكتاتورية، فما يطفو على السطح هم
المقربون من الحاكم المستبد وجاشيته وأتباعه، حتى وإن كانوا بلا موهبه، أو بأربع
وأنصاف مواهب، وبالتالي، إما أن يموت المبدع الحقيقي كمداً، أو يموت منتحراً، أو
ينفذ بجلده إلى خارج وطنه.
في الختام، لا خلاص لأي
شعب، إلا بالديمقراطية، والحكم العادل غير المتسلط، ولنا في النماذج الأوروبية،
والنموذج الأمريكي، القدوة والمثل الحي أمامنا، بما وفرته من رفاهية لشعوبها، وقوة
وتمكن وسيادة.
الديمقراطية وفوائدها
العظيمة.. شكراً وإلى اللقاء.