بالغناء لأم كلثوم، ويصبح هذا جواز مرورها من البوابة الذهبية للغناء والطرب
العربي، خاصة إذا كانت صغيرة السن مثل “بسمله كمال”، ففي هذه الحالة،
يصير الإنتقال من تلك المرحلة، بعد النضوج الفني والصوتي، إن حدثا، في منتهى
الصعوبة، من ناحية قبول الجمهور لها في ثوبها الغنائي الجديد، ومطالبته باستمرارها
أسيرة القفص الذهبي لكوكب الشرق ام كلثوم، وهو غالباً ما سوف يحدث، وأقول هذا بعد
سماعي لأغنية “بسمله كمال” الخاصة بها “تناديني فلسطيني”،
التي هى أبعد ما تكون عن جودة وأصالة أغاني “أم كلثوم” العظيمة، من
ناحية الكلمات، واللحن، فأنا الحقيقة لم أسمع سوى دربكة للحن، وتداخل في الإيقاع
وهروله، ولم يتبق في نهاية استماعي للأغنية سوى صدى كلمتين “تناديني
فلسطيني”، ناهيك عن أن التركيب اللغوي للكلمتين، لا يتفق مع ما كان يجب من
كون المغنية أنثى، وكان الأوفق “تناديني فلسطينية”، وفي تلك الحالة، كان
الإقتناع بفحوى المضمون، وصدق التعبير عن هذا المضمون، أما صوت “بسمله”،
فشتان الفارق بين وجودها بين أحضان ألحان “أم كلثوم”، القصبجية
والسنباطية والوهابية، وبين ألحان مُحدَثة، ما أنزل الله بها من سُلطان، صاحبها
تأثر بما هو سائد من بضاعات الألحان ذات القوالب الجاهزة والمعتادة، على شاكلة ألحان
“حمو بيكا” و”سما المصري”، و”هيفاء وهبي” وهذا على
سبيل المثال، لا الحصر.
ومن ناحية تصوير أغنية
“تناديني فلسطيني”.. فالتصوير بدائي بالطبع، ويخلو من الدسم، مجرد مقاطع
متحركه في الخلفية، أما من ناحية أداء “بسمله” فمغفور لها، لقلة خبرتها
في الأداء التمثيلي.
أدلل عليه لتوضيح الفكرة، هو أغنية “بسمله كمال” “خلي بالك”،
تلك الأغنية التي لا تختلف عن ألاف الأغاني التي شبعنا منها من نتاحية الكلمات
ومعانيها، والألحان سلق البيض، ومن ناحية التصوير، ما كان يجب وضع تلك الطفلة في
هذا الجو من الحب والهيام والعتاب لشخص أخر، فنحن لسنا بحاجه لتعليم بناتنا الصغار
المزيد من سلوكيات تتنافي مع قيمنا الإسلامية، ناهيك عن تعرية
“بسمله كمال”
أعترف بأنها أبهرتني كطفلة عند غنائها لأم كلثوم في سن مبكر جدا، وكان صوتها حاد،
ولا يتناسب مع سنها، ومع ذلك، كان به طلاوه وحلاوة، فكتبت عنها مدحاً، ومع نموها،
صار الصوت ينضج، ولكن بوتيرة صارت تبتعد قليلاً عن صوت العظيمة “أم
كلثوم”، فحين غنت “حب إيه” وهى أكبر سناً، كانت أقل وهجاً، مما
كانت وهى أصغر سناً.
إن حصول الطفلة “بسمله
كمال” التي صارت الأن على أعتاب الشباب، على جائزة المبدع الصغير شئ جميل
ورائع، ويُحسب للدولة المصرية ممثلة في وزارة الثقافة، لتشجيع الصغار على أن
يبدعوا كُلٍ في مجاله، وقد هنأت الطفلة الصغيرة على صفحتها على الفيسبوك، ولكن
يبقى السؤال: هل ستذوب “بسمله كمال” في كم الطوفان من الأغاني المكررة
الكلمات والأفكار، والألحان المتشابهه المقامات، إن كانت هناك مقامات أصلاً، وهنا
يكون السقوط، أم أن المحيطين بسمله من المقربين والمنتفعين، بيدهم الفانوس السحري
الذي يستطيعون به استدعاء العفريت، ليحضر لهم الملحن “بليغ حمدي”
و”السنباطي” و”محمد عبد الوهاب” و”محمد القصبجي، وغيرهم،
إضافة إلى الشاعر “أحمد رامي”
و”أحمد شفيق كمال” و”أحمد العدواني” و”أحمد شوقي”
وغيرهم. وهذا بالطبع مستحيل، والأسهل منه هو الوقوف وغناء ما هو قديم من
إبداعاتهم، وبصوت الأفضل لي سماعه من صاحبته الكبيرة، لا الصغيرة، وهو اللقب الذي
أطلقوه على بسمله “أم كلثوم الصغيره”.
في حفل ذكرى ثورة 23
يوليو، حين غنت “بسمله كمال” أغنية “عُليا التونسيه “ما تقلش
إيد ادتنا مصر”، كان صوتها حلو، ولكن الحقيقة، أن صوت “عُليا” كان
أقوى، يتناسب مع اللحن، وبه حماسه أشد. أما أغنية “إبني البطل” لشريفة
فاضل، فأيضاً ذات الملاحظة. وللحديث بقيه.