هل يمكن السفر عبر الزمن؟

 


هل يمكن السفر عبر الزمن؟.. إن موضوع السفر عبر الزمن لي فترة من الوقت
يشغل حيزاً كبيراً من تفكيري، وهذا منذ أكثر من سنة، لأنه موضوع عجيب وشيق، وله
جوانب علمية، وأخرى مفيدة، وقبل تقريباً سنة من الأن. صدر كتاب لجيمس كلايك، وهو
مؤلف عظيم، بارع في الكتابات العلمية، وكان له كتاب قد اشتهر به منذ حوالي 30 سنه،
وهو كتاب “كيوس” ويدور حول علم الفوضى الذي كان قد بدأ يظهر على الساحة
حينها، ويصير علماً مهماً تتناوله الأقلام، وتناوله هو بطريقة رائعة جداً، ثم من
بعد ذلك تناول عدداً من المواضيع، ومنها كتابة سيرة ذاتية عن نفسه، ثم أخيراً
كتاباً عن “علم المعلومات”، خاصة وأن مفهوم علم المعلومات صار يسيطر
الأن بشدة، فقررت قراءة كتاب “علم المعلومات” قبل كتابة مقالي هذا عن
“السفر عبر الزمن” وهل هو منمكن، أم مستحيل؟.

ماذا حدث عند قراءة كتاب علم المعلومات؟

بلا شك فالكتاب رائع وبه إشارات كثيرة أدبية وثقافية وتاريخية وعلمية،
وبأسلوب مرح وبسيط ولبق، لكن فاجأني أن الجانب العلمي في الكتاب تأخر، وكأنه يرى
أن مسألة “السفر عبر الزمن” يجب أن ننظر إليها من باب ثقافي، أو أدبي،
أو تاريخي وكل هذا قبل النظر لتلك المسألة المثيرة للخيال من الناحية العلمية، رغم
أنه في الأخير ذكر أن التطور العلمي الكبير الأن، هو الذي حفز خيالنا لتناول هذا
الموضوع بالتفكير والبحث، بل والأماني.

البداية:

يبدأ “جيمس كلايك” بتناول موضوع “السفر عبر الزمن، بالعودة
إلى كتاب “ألة الزمن” وهى رواية كتبها “هربرت جورج ويلز”
الكاتب الشهير، والتي تم صنع العديد من الأفلام من خلال أحداثها، وأشهر تلك
الأفلام هو الذي صدر عام 1960 ويروي الفيلم أن شخصاً اخترع ألة للزمن التي تسمح له
بالسفر عبر الأزمنة المختلفة. ومن هنا يبين “جيمس كلايك” أن فكرة
“السفر عبر الزمن” ليست فكرة جديدة، فهى فكرة موجودة في التاريخ، وإن
كانت بشكل نادر جداً، فنجدها في التراث القديم الهندي، حتى في التراث المسيحي
والإسلامي، ومنها “أصحاب الكهف” القصة الرائعة التي ذكرها الله تعالي في
القرآن الكريم، وهى قصة تتعلق بالزمن.

فكرة السفر عبر الزمن:

أياً كانت وسيلة التنقل عبر الأزمنة، سواء عبر قفزة في الزمن عبر نوم، أو
عبر ألة، فيج الإنساند نفسه في زمن أخر، فالفكرة بحد ذاتها موجودة، وتثير خيال
الإنسان، وتحفزه للتفكير فيها، وربما تنفيذها في المستقبل مع تطور العلوم وثورتها.

لماذا فكرة السفر عبر الزمن؟

يشرح لنا “جيمس كلايك” لماذا تلك الفكرة المثيرة، والتي ظهرت
بشكل مُلح أوائل القرن التاسع عشر مع ظهور رواية “ألة الزمن” التي ظهرت
عام 1895، ثم صار من بعدها النقاش الكبير حول إمكانية السفر عبر الزمن، ويتساءل
“جيمس” لماذا لم تُناقش فكرة السفر عبر الزمن من جانب العلماء
والفلاسفة، وعبر تلك القرون التي مرت بالبشرية، ويبين لنا “جيمس” فكرة
هامة جداً، وهى أن مرور قرون كثيرة، إلى أن حدثت الثورة الصناعية التي جاءت لنا
بالألات، وتلك الثورة الصناعية لم تحدث إلا بعد أن حدثت الثورة العلمية في بداية
القرن السابع عشر، ومن هنا فالماضي والحاضر والمستقبل كلهعم متساوون، هم نفس الشئ،
فلا تغيير في الأمر، بمعنى إذا أنا مثلاً أعيش في القرن الرابع عشر، أو الثاني عشر،
أولادي وأحفادي وأبائي وأجدادي، كلهم عاشوا ويعيشون بذات الطريقة، لا فرق بين
المعيشة اليوم، والمعيشة قبل 50 سنة، أو قبل 100 سنة، وهكذا. أو بعد 50 سنة، أو بعد100
سنة، وهكذا. لم تتغير الحياة إلا بشكل بطئ، فالبناء صار بطريقة أدق، وتوزيع الماء
صار أفضل، ولكن متى حدثت القفزة؟ لقد حدثت حين ظهرت الألات، كألة البخار،
والمصانع، والسيارات، والطائرات.. إلى أخر تلك المخترعات التي غيرت شكل الحياة
ونمطها، فصار الإنسان يتساءل كيف سيعيش الناس بعد 50 أو 100 سنة على سبيل المثال؟
ففكرة السفر عبر الزمن “والكلام لجيمس كلايك” لم تكن لتطرح بهذا العمق،
إلا بعد التطور العلمي الصناعي الكبير.

مفهوم الزمن مع التطور العلمي:

ويقول “جيمس كلايك” أن مفهوم السفر عبر الزمن لم يأتي بالأساس
إلا مع مجئ “أينشتين” وأن مفهوم الزمن كان يدخل في الكثير من المعادلات
منذ “جاليليو” و”نيوتن” و”ماكسويل” وغيرهم من
العلماء منذ القرن السابع عشر، وما بعده. والفكرة أن الزمن ثابتاً لا يتغير، ولكن
المتغير هو الأحداث.

كما أن الزمن بعد مجئ “أينشتين” صار مرتبطاً بالفضاء وعلومه من
خلال نظريته في النسبية، فالسنة الزمنية على الأرض تختلف تماماً عن السنة الزمنية
حين يركب شخص ما ألة تسير بسرعة الضوء. وحين يعود هذا الشخص بألته، سيجدني وقد مرت
مثلاً عشرون عاماً وصرت بشعر أبيض، أما هو فلا زال في ريعان شبابه.

فكأن هذا الشخص قد قفز لمستقبلي أنا، فالسنة على الأرض قد صارت بالنسبة لي
على سبيل المثال 2050، أما هو، فالسنة لا زالت 2020. فكأنه قد قفز في المستقبل كما
فعل أهل الكهف، ولكن بدلاً من النوم، ركب هو ألة بسرعة الضوء، وغادر بها في الزمن،
ثم عاد، ليجد نفسه في المستقبل على الأرض.

ومن هنا، إذاً استكطعنا من خلال تلك الطريقة السفر عبر الزمن المتمدد، فسوف
تكون الفكرة مطروحة بشدة، وبشكل علمي ومنطقي.

ولكن يجب أن ننتبه أن الفكرة المطروحة فقط حتى الأن، هى السفر للمستقبل،
وليس السفر للماضي. فأينشتين لم يطرح لنا حلولاً للعودة للماضي.

هل يمكن السفر عبر الزمن؟.. .. وإلى اللقاء مع موضوع علمي جديد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *