“الحبكة” هل ضرورية للقصة القصيرة؟

قد تسعر ككاتب أن هناك
نوعا من الخطة في كتابة القصة القصيرة، وأن الذاكرة المعنية للكاتب، نقصد أن تربط
ذكريات مخزونة وصراعات غير معقولة في نسيج واحد، بدون هذا النوع الخاص من الوعي
بكل ما مر بنا في حياتنا، وبدون إدراك لأثره على الحاضر، وبدون هذه الذاكرة
النوعية، فمن الأرجح ألا يكون الكاتب ناجحا، لم أعرف كم يمكن أن تكون الذاكرة
ثمينة، حتى لو كانت متقلبة، إلا بعد أن كتبت قصتي الأولى “عند خط
المنتصف”.

 

    كانت القصة تقوم على حادثة في حقل من حقول
الريف المصري، أثناء زيارتي لقريتي بالمنوفية، وقد وقعت في فترة مراهقتي
المتأخرةن، وفد  بدا لي آنذاك، حادثة غير
مهمة على الإطلاق، ومع ذلك، بعد أكثر من 10 سنوات، تعرضت لظروف مشابهة إلى حد ما
وأنا بالجيش بسيناء، وفجأة. انتبهت الذاكرة، وطفت القصة على السطح، بل إنها كتبت
نفسها تقريباً، وبعمق وعاطفة، أكثر مما توقعت.

 

أحيانا نكتب القصة من
الذاكرة، باعتمادنا على الأحلام، وهذه القصص ليسا دائما ًناجحة، ففي مرة رأيت
حلماً، وعند استيقاظي كتبت عنه قصة، وفي اليوم التالي قرأت ما كتبته، فوجدته
كلاماً فارغاً، لكن ليس الأمر كذلك في كل الأحيان.

 

إن ترتيب أجزاء الذاكرة،
والإبداع والخيال، وكل ذلك هو الذي يكون المادة التي نعرفها جميعاً بإسم
“الحبكة” وهى في الغالب أساسية للقصة، ومع ذلك، فإن الحبكة الزائفة، أو
المصطنعة المقبولة ظاهرياً غير مقبولة. وتسمى “حبكة مصطنعة” ولسنوات
ليست بعيدة، لم يك لأي كاتب جاد ذي ضمير، يرضى بأن يقال عنه أن حبكته مُقنعة، وفي
الواقع، لقد أصبحت مثل هذه الصفة بغيضة، حتى أصبح بعض الكتاب يتجاهلون الحبكة
كلياً، ويضربون بعرض الحائط التسلسل المنطقي للسبب والنتيجة، ودراما التناقض
الضرورية لإقتاع القارئ، لدرجة دفعت إلى ضجر المتلقي من واقعية غامضة، لا تفيده
إطلاقاً.

 

ما زالت
“الحبكة” ضرورية للقصة، كالعصب الذي يجري بطول جسد الحشرة، فيوجه
حركتها، وتقدمها نحو هدفها.

 

“الحبكة” وسيلة
للحفاظ  على حركة الشخصيات، وشد مشاركة
القارئ إلى نهاية القصة، وهى الحبل الذي نعلق عليه حُب الإستطلاع والتشويق
والدراما والسلوك البشري والإحساس بالزمن، وبدون “الحبكة” فمن الأرجح
ألا يهتم القارئ كثيراً بمتابعة قراءة القصة القصيرة.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top