نجمة قبل الأوان في بيت الفن
تربت “سعاد حسني” في مناخ إبداعي في فترة طفولتها، فكان أخوها “عز
الدين” عاشقاً للموسيقى، وأصبح ملحناً معروفاً، وبالطبع أختها المطربة
الكبيرة “نجاة الصغيرة” التي حجزت لها مقعداً دائماً بين قمم نجوم الطرب
في مصر والعالم العربي، وكان أخوها “نبيل” خطاطاً بارعاً مثل والده،
وكانت أختها “خديجه” رسامة و”سميره” كانت نحاتة بارعة. وقد
بزغ أخوها “سامي” في الغناء.
وكان بينهم في عابدين بجوار مسجد
“الكخيا” ملتقى الكثير من نجوم هذا العصر، ومن الشحصيات العظيمة التي
أحبتها “سعاد” في صغرها. وتأثرت بها تأثرا شديداً، قيثارة السماء الشيخ
“محمد رفعت” الذي كان صديقاً مقرباً لوالدها “محمد حسني”.
“سعاد حسني” .. نجمة ولدت ونضجت
وتفجرت نجوميتها قبل الأوان، وعرفت الحُب وفقدته قبل الأوان، تماماً كحبة الفاكهة
التي نضجت وعطيت قبل الأوان، لكنها استطاعت أن تحتفظ بتوازنها النفسي والعاطفي
والدراسي والفني برغم اعتكافها واحتجابها في الأونة الأخيرة من عمرها “يرحمها
الله”.
“سعاد حسني” .. بدأت مشوارها الفني
وهى دون السابعة عشرة من عمرها بفيلم “حسن ونعيمه” للراحل “عبد
الرحمن الخميسي” ورأى فيها المنتجون وجها جديداً، يمثل البنت المصرية في
شقاوتها وخفة ظلها، ولذلك كانت بحق فتاة الأحلام بالنسبة لتلك المرحلة التي اشتهرت
فيها وازدهرت، وقدمت من خلالها العديد من الأفلام التي أخرجها المخرجونت
“نيازي مصطفى” و”عز الدين ذو الفقار” و”فطين عبد
الوهاب” و”أحمد بدرخان” و”هنري بركات” و”حسن
الصيفي” و”صلاح ابو سيف” و”كمال الشيخ” . وغيرهم.
كانت هناك مرحلة الإنتشار في حياة “سعاد
حسني” والتي ركزت فيها عاى الكم أكثر من النوع، وهذا ساعدها على الوصول أكثر
إلى قلوب الجماهير، ولكنها بعد ذلك بدأت تختار لتؤكد وجودها الفني، من خلال أعمال
مميزة، ونصوص جيدة، وشخصيات مدروسة، وكان هذا نوعا من الذكاء، تفردت به
“سعاد”.. وكان من الأسباب الجوهرية لنجاحها،. إن هذه المرحلة تخللتها
أفلام تميزت بالطابع الميلودرامي، أو الطابع الغنائي الإستعراضي.
ونجحت “سعاد” في اللونين، وقدمت بعد
ذلك أفلامها العاطفية، وعندما نضجت فنياً، بحثت عن نفسها في الأفلام الفكرية
والسياسية، فكان “الكرنك” و”على من نطلق الرصاص” و”غروب
وشروق” و”أهل القمة” و”الجوع”.
و”سعاد حسني” من بعد “فاتن
حمامة” تعتبر النجمة التي شاركت في نقل السينما المصرية والعربية نقلة كبرى
من خلال الأداء الدرامي، والاختيار الجيد، وبطريقة واعية وذكية من خلال العشق
الواضح للفن السابع، وربما هذا ما جعلها تكسب سمعة طيبة كبرى، وتنعم بحب الناس
وتدخل قلوبهم، وتحظى بالجوائز المحلية والعربية والعالمية، وحققت بذلك المعادلة
الصعبة بين الفنان والجمهور.