
الجدل يعود حول قانون الإيجار القديم بعد التصديق الرئاسي على تعديلاته
في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها مصر، تصدرت قضية الإيجار القديم قائمة الجدل العام مجددًا بعد أن حظيت التعديلات الجديدة على القانون بتصديق الرئيس. يعكس هذا الحدث انقسامًا في الآراء بين مؤيدين ومعارضين، ويعكس كذلك التحديات التي تواجهها شريحة كبيرة من المجتمع المصري.
قانون الإيجار القديم، الذي تم إصداره في منتصف القرن الماضي، جاء بهدف توفير السكن بأسعار زهيدة لمجموعة من الفئات الاجتماعية، خاصة الفئات المتوسطة والفقيرة. ومع مرور الزمن وتحولات السوق العقاري، تحول هذا القانون إلى ما يشبه “قنبلة موقوتة” حيث أثرت بنوده على قدرة الملاك على استعادة حقهم في الملكية العقارية. وبات ملاك العقارات يعانون من آثار هذا القانون الذي يفرض إيجارات متدنية، بينما يعاني المستأجرون من زيادة في التكاليف المعيشية.
في هذا السياق، تأتي التعديلات الجديدة لتعيد فتح باب النقاش حول مستقبل هذا القانون. حيث شهدت الفترة الأخيرة مراجعة شاملة للقانون من قبل البرلمان المصري، وتمت صياغة تعديلات تأمل في تحقيق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين. ينص التعديل على زيادة الإيجارات تدريجيًا، مما يعني أنه سيتم رفع أسعار الإيجارات تدريجيًا على فترة زمنية محددة، مما قد يوفر فرصة للملاك لاستعادة جزء من حقوقهم.
ومع ذلك، أثارت هذه التعديلات جدلًا واسعًا على مختلف الأصعدة. حيث يرى المعارضون أن رفع الإيجارات لن يؤدي فقط إلى الضغط على المستأجرين بل أيضًا سيعرض العديد منهم للفقر والتهجير. وبحسب رواية هؤلاء، قد يؤدي ذلك إلى تفاقم أزمة الإسكان وزيادة أعداد المشردين، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
على الجانب الآخر، يتمسك المؤيدون للتعديلات برؤية أن تطبيقها يعد ضرورة ملحة. إذ يرون أن القانون القديم أثبت فشله في معالجة التحديات المستجدة في السوق العقاري. يعتقد هؤلاء أن التعديلات الجديدة ستساعد على تحقيق نوع من العدالة بين الأطراف المعنية، حيث ستمكّن الملاك من الاستثمار في العقارات وصيانة الممتلكات، الأمر الذي سينعكس إيجابيًا على المنظومة الاقتصادية بشكل عام.
علاوة على ذلك، قد تكون هناك حاجة ملحة لرؤية شاملة تلبي احتياجات جميع الفئات. يُعتبر توفير سكن ملائم وبأسعار معقولة تحديًا في ظل النمو السكاني والزيادة المستمرة في عدد السكان. وبالتالي، تطرح الحاجة إلى إنشاء برامج إسكانية جديدة تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، مما يساهم في التخفيف من حدة التوترات الناتجة عن هذه التعديلات.
في ختام المطاف، يتضح أن الجدل حول قانون الإيجار القديم وتعديلاته الأخيرة هو جدل متشابك يحمل معه آمالًا ومخاوف. فمن جهة، يسعى الملاك لاستعادة حقوقهم، ومن جهة أخرى، يخشى المستأجرون من تفاقم الأوضاع المعيشية. يتطلب الأمر حوارًا مجتمعيًا شاملًا وموضوعيًا للتوصل إلى حلول تتماشى مع تطلعات جميع الأطراف، وتساعد في بناء مستقبل أكثر استقرارًا في مجال الإيجار والسكن. بالاستناد إلى هذه النقاشات، يمكن أن تتبلور مسارات جديدة تضمن العدالة والسلم الاجتماعي في آن واحد.