فنانة وإنسانة رحلت ساجدة داخل الحرم المكي* تابع من الرقم 2 في السطر التالي رجوات منصور واحدة من الوجوه الهادئة والمؤثرة التي ظهرت في السينما المصرية خلال القرن العشرين. وعلى الرغم من أنها لم تحتل مركز البطولة في أفلامها، إلا أنها تركت بصمة فنية لا تُنسى، وأثرت في الجمهور بأدائها البسيط والعفوي، الذي جعلها حاضرة في ذاكرة محبي الزمن الجميل. ولدت رجوات منصور في 13 يناير عام 1914، وعملت في مجال الفن والتمثيل في وقت كانت فيه المرأة تواجه تحديات كبيرة لدخول هذا المجال. ومع ذلك، استطاعت أن تحجز لنفسها مكانًا في عدد من الأعمال الفنية، خاصة في أدوار الأم أو الجارة الطيبة أو السيدة البسيطة التي تمثل ملامح المجتمع المصري التقليدي. تابع من الرقم 3 في السطر التالي لكن الجانب الأكثر إشراقًا في حياتها لم يكن فنيًا، بل إنسانيًا. حيث لم تُرزق رجوات بأبناء من رحمها، لكنها اختارت أن تكون "أمًا" لاثني عشر يتيمًا، قامت بتربيتهم والاهتمام بتفاصيل حياتهم. لم يكن الأمر سهلاً، خاصة في ظل ظروف مادية متواضعة، لكنها أصرت على تقديم الدعم والرعاية لهؤلاء الأطفال، حتى شبّوا وأصبحوا شبابًا يعتمدون على أنفسهم. أما وفاتها، فكانت ذات طابع خاص ومؤثر، حيث وافتها المنية وهي ساجدة في الحرم المكي الشريف أثناء أدائها مناسك العمرة عام 1993. وقد أثارت وفاتها بهذه الطريقة حالة من التأثر الكبير بين زملائها في الوسط الفني ومحبيها، إذ اعتبر الكثيرون أن رحيلها بهذه الطريقة كان تكريمًا إلهيًا لسيرتها الطيبة ونيّتها الصادقة. رجوات منصور لم تكن نجمة على أغلفة المجلات، لكنها كانت نجمة في قلوب من عرفوها، سواء على الشاشة أو خارجها. رحلت في صمت، تمامًا كما عاشت، لكنها تركت أثرًا عميقًا لا يُنسى في الذاكرة الفنية والإنسانية. --- هذا الدور الإنساني جعل منها رمزًا للرحمة والعطاء في عيون كثيرين، ليس فقط كممثلة، بل كإنسانة تعيش بقلب كبير وروح نقية.