
يونيسف: السمنة تتفوق على النحافة كأكثر أشكال سوء التغذية شيوعاً
في السنوات الأخيرة، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تقارير مهمة تشير إلى تغيير كبير في مشهد سوء التغذية على مستوى العالم. حيث أكدت أن السمنة أصبحت تتفوق على النحافة كأكثر أشكال سوء التغذية شيوعاً بين الأطفال واليافعين. يأتي هذا التغيير في آفاق التحديات الصحية التي تواجه المجتمعات، مما يستوجب فهمًا عميقًا للوضع الراهن وتأثيره على صحة الأجيال القادمة.
تعريف السمنة وسوء التغذية
تُعرف السمنة بأنها حالة صحية تتمثل في زيادة مفرطة في وزن الجسم، وهو ما يتم قياسه عادةً باستخدام مؤشر كتلة الجسم (BMI). وعندما يكون مؤشر كتلة الجسم أعلى من 30، يُعتبر الشخص سمينًا. بينما تُعرف النحافة بأنها حالة نقص الوزن بشكل يقلل من معدل صحة الفرد، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة.
أسباب تفشي السمنة
تشير التقارير إلى أن أسباب تفشي السمنة تتعدد وتتشابك. ففي العصر الحديث، شهدت الأنماط الغذائية تغيرات جذرية, حيث أصبح هناك انفتاح أكبر على الأطعمة المصنعة ذات السعرات الحرارية العالية، والتي تفتقر إلى العناصر الغذائية الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت مستويات النشاط البدني بشكل ملحوظ نتيجة تزايد استخدام الأجهزة الإلكترونية وتسهيلات الحياة العصرية.
كما تلعب العوامل النفسية والاجتماعية دورًا مهمًا في انتشار السمنة، فمن الممكن أن تؤدي الضغوط النفسية والتوتر إلى الإفراط في تناول الطعام. ويرتبط أيضًا نمط الحياة السريع والمنشغل بالعمل بعدم القدرة على تخصيص الوقت الكافي للإعداد لوجبات صحية أو ممارسة الرياضة.
التأثيرات الصحية والاجتماعية
تعتبر السمنة حالة صحية معقدة، حيث ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة مثل السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم. وعلاوة على ذلك، تواصل الدراسات الكشف عن تأثير السمنة على الصحة النفسية، حيث يرتبط الوزن الزائد بمشاعر القلق والاكتئاب لدى العديد من الأفراد، خاصة الأطفال والشباب الذين قد يعانون من التنمر أو التمييز بسبب وزنهم.
كما أن السمنة لها آثار اجتماعية عميقة. فالخسائر الاقتصادية الناتجة عن المشاكل الصحية المرتبطة بالسمنة تقدَّر بمليارات الدولارات في العديد من الدول، حيث تؤدي التكاليف الصحية إلى ضغط إضافي على الأنظمة الصحية والموارد.
النحافة أيضاً: لا ينبغي تجاهلها
مع كل ما ذُكر حول السمنة، لا يمكن التهاون في خطر النحافة. فالتغذية غير الكافية قد تؤدي إلى نقص في الفيتامينات والمعادن الأساسية، مما يزيد من مخاطر الإصابة بأمراض معينة. يعتبر نقص الوزن مشكلة صحية قائمة بذاتها، وعليه، تحتاج المجتمعات إلى التعامل مع المشكلتين بشكل متوازن.
التوجهات العالمية لمواجهة الظاهرة
تعمل يونيسف بشكل حثيث على تحسين التوعية والتثقيف بشأن التغذية الصحية، حيث برزت الحاجة إلى تعزيز نمط حياة صحي يشمل الغذاء المتوازن والنشاط البدني. تبدأ الجهود من السن المبكرة، حيث تتمثل أهمية توفير بيئة صحية تنمي عادات الطعام السليمة لدى الأطفال.
من المهم أن تتعاون المجتمعات، بما في ذلك الأسر والمدارس، في نشر المعرفة حول الخيارات الغذائية الصحية وتعزيز الأنشطة البدنية. يمكن أن تسهم السياسات الحكومية في خلق بيئة صحية من خلال فرض قيود على تسويق الأطعمة غير الصحية للأطفال وتحسين توفير الأغذية الصحية في المدارس والمجتمعات المحلية.
الخاتمة
في الختام، يُعد تحول التركيز من النحافة إلى السمنة في سياق سوء التغذية ظاهرة معقدة تتطلب اهتمامًا مكثفًا وتنسيقًا بين مختلف القطاعات. إن الجهود المبذولة من قبل يونيسف وغيرها من المنظمات الدولية يجب أن تُركز على بناء مستقبل صحي لأجيالنا القادمة، من خلال تعزيز فكر الغذاء الصحي والتهيئة لنمط حياة نشط. والحد من سوء التغذية، سواء في شكل سمنة أو نحافة، هو مسؤولية مجتمعية تتطلب التضافر والتفهم لتحقيق آثار إيجابية على الصحة العامة.
– الحد الأقصى للاستخدام المجاني هو 1000 حرف فقط. للحصول على نتائج كاملة يمكنك الاشتراك بالضغط هنا