كان الصمت جليلاً، لا يفض بكارته غير صدى موتور
العربة، وأزيز هبات الريح الفجائية الباردة التي تحرق وتصفع وجوهنا، فننكمش لها
هادئين، ثم. وكأن الريح والرمل والصخر والبرد، قد سحبوا منا حاسة الكلام، مشدوهين
ببلاهة إلى هذا الفضاء البكر، المطرز بمفردات الدهشة. فضاء لم تلوثه بعد مفردات
العولمة، ومزابل الحداثة. فضاء يعتلي صهوة الجبال والتلول والهضاب والتباب وكثبان
الرمال، خاصة في الوهاد المحفوفة بالطريق الأسفلتي القديم، الزائد من ارتجاجات
العربة التي تشبه عرـة “البيانولا” القديمة المتأرجحة تحت ثقلها العظيم..
ومع كل منحنى هابط. رمل ماكر يصفع جباهنا، يجلد الوديان المنبطحة عند القاع، يطير
في كل الإتجاهات، كالجراد الهاجم على العُشب الأخضر في برية بلا ربوع، بلا أسيجة. ولكن.
ما وجه الغرابة، والتوافق الحيوي هو الذي يجمع عناصر الطبيعة هنا، ويعطي لهذا
الوجود في صحراء “”سيناء”” مغزاه؟.