أنا الورّد
الجميّل إبن الصَّباح، وأُخو الندىَ، أظهر مع ظهور الشَّمس، مُستدير كقرصها، جميّل
كَمُحَيَّاَهَاَ، لكنى لست ملتهب مثلها، لأن دموع الندى تتقاطر على خدودي مدرارة، فتبتل
بها ورقاتى، وتزيّدها بردا ولَيانا،
ويسطُع عليها ضوء الشَّمس، فتتلألأ كاللؤلؤ المنثور، أو كأنها فصوص الماس والزّمرد،
وقد جلست على كرسيّها السُّندسى، فيتمايل بها ذات اليميّن، وذات الشّمال، عند ذاك.
يَهبُّ، الناس صُبحا من مضاجعهم، ويفتحون نوافذ حُجراتهم، ويقفون فى شُرفات منازلهم،
فيبصرونى فى الحدائق والمنتزهات، وقد رصعت منى نواحيّها، بمُختلف الألوان البهيّجة،
كأنى جواهر في أعناق الجميّلات، أو كأني مصابيّح الكهرباء في نجف الحُجرات
والسُّرادقات، أو نجوم فى السَّماء تتمايل في بهاء، فيمتعون أبصارهُم بجمالي، ويستقبلون
النسيم العليّل، يحمل على أجنحته، رائحتى الطيّبة، وأريجى العَطِر، يشّرح صدورهُم،
فينشطون من الخمول، ويهيّج نفوسهم فيُبعد عنهم الكسل والفتور.