في إحدى مدن غزة الصغيرة، كان هناك طفل اسمه محمد. كان محمد في التاسعة من عمره،
لكن عيناه كانتا تحملان حكمة وصلابة تفوق سنوات عمره. فقد عاش محمد حياة لا تُحسد،
فهو قد نشأ في ظل الحصار والقصف المتكرر الذي يهدد أرواح السكان المدنيين هناك، في
الليل كان، أم في النهار.
لم يعرف محمد سوى صوت القذائف والقنابل التي تهز المنازل في حيِّه المُكتظ
بالأهالي، وروائح الدخان المنبعثة من الأبنية المنهارة. لقد شهد منذ طفولته مناظر الدمار
والخراب التي تحيط به في كل مكان. لم يعرف محمد أبداً لعب الأطفال العادية، أو الذهاب
إلى المدرسة بأمان. بدلاً من ذلك، كان مُجبراً على البقاء في المنزل مع عائلته خوفاً
من القصف العشوائي.
وعلى الرغم من هذه الظروف القاسية، الغير طبيعية، لم ييأس محمد. فقد كان لديه
أمل كبير في مستقبل أفضل، ليس فقط لنفسه، ولكن لكل أطفال غزة الذين يتعرضون لمعاناة
لا تُوصف. كان يحلم بيوم تسود فيه السلام والأمان في أرضه المُحاصرة. ولم تثنه هذه
التحديات عن مواصلة تعليمه بجهدٍ وإصرار عجيبين، آملاً في أن يصبح يوماً ما طبيباً
أو مهندساً يساعد في إعادة بناء غزة.
وبالرغم من كل ما يواجهه، كان محمد دائماً ما يبتسم، وبصلي الفروض الخمسة، ويحافظ
على روحه المرحة. فهو يدرك أن البقاء على قيد الحياة في ظل هذه الظروف القاسية، هو
في حد ذاته انتصار. وهذا ما يعطيه الحافز للمُضي قدماً في طريقه الصعب، والحفاظ على
آماله في غد أفضل لنفسه ولشعبه الغزاوي الصامد.
قصة من مجموعتي القصصية القادة للطفل “الأرانب تبيض في ألمانيا”