
قيم الأسرة المصرية وتفاعلها مع تطبيق تيك توك ومؤثريه
تعتبر الأسرة المصرية نواة المجتمع، فهي تحتضن القيم والتقاليد التي تميز الهوية الثقافية والاجتماعية للمصريين. على مر العقود، لعبت الأسرة دورًا محوريًا في تشكيل السلوكيات والأفكار لدى الأفراد، حيث قامت بتوريث القيم الأخلاقية والتعاليم الاجتماعية من جيل إلى جيل. ولكن، مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات مثل “تيك توك”، بدأ الضغط يتزايد على هذه القيم نتيجة لتأثير المؤثرين وسرعة انتشار المحتوى.
تيك توك هو تطبيق يتيح للمستخدمين إنشاء ومشاركة مقاطع فيديو قصيرة، وقد أصبح منصة شائعة بين الشباب في مصر والعالم العربي. ويبرز دور المؤثرين الذين يكتسبون شهرة وشعبية واسعة بفضل مقاطعهم الفريدة والممتعة. ولكن، يتساءل البعض، هل تتماشى هذه المحتويات مع قيم الأسرة المصرية، أم أنها تتعارض معها؟
أولاً، يجب الإشارة إلى أن قيم الأسرة المصرية تشمل الاحترام، التضامن، والمعاملة الكريمة. هذه القيم تمثل أساس العلاقات بين الأفراد داخل الأسرة وفي المجتمع ككل. وعندما يظهر محتوى على تيك توك يتضمن سلوكيات أو عبارات قد تكون غير ملائمة أو تتنافى مع تلك القيم، قد يحدث تصادم ثقافي. فعلى سبيل المثال، يتم تداول بعض العبارات التي تفتقر إلى الاحترام أو تظهر سلوكيات غير أخلاقية، مما يشكل تحديًا أمام الأسرة المصرية في تعليم أبنائها الحدود المقبولة من السلوك.
ثانيًا، تسهم تيك توك في تعزيز ظاهرة “المؤثرين” الذين أصبحوا قدوة للكثير من الشباب. هؤلاء المؤثرون يمتلكون القدرة على التأثير في آراء وسلوكيات المراهقين، مما يجعل الأسرة مواجهةً لتحديات جديدة. فقد يصبح المراهقون أكثر انفتاحًا على الأفكار الغريبة أو السلوكيات غير المعتادة نتيجة لمتابعتهم لمؤثرين يروجون أنماط حياة قد تتعارض مع التعليمات التقليدية للأسرة. وبالتالي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى توتر في العلاقة بين الآباء والأبناء، حيث يسعى الآباء لحماية أبنائهم من تأثيرات سلبية.
ثالثًا، لا يمكن إنكار أن تيك توك يوفر منصة تعبير للشباب ويتيح لهم التعرف على ثقافات وتجارب متنوعة. فبعض المؤثرين يستخدمون هذه المنصة لمشاركة قيم إيجابية مثل الوحدة والتعاون والتفاؤل. وبالتالي، قد تحتوي بعض المحتويات على رسائل تعليمية تشجع على احترام العائلة وتقدير الأجداد وأهميتهم في حياة الأفراد. هذا النوع من المحتوى قد يساهم في تعزيز القيم الأسرية بدلاً من تقويضها.
علاوة على ذلك، يلعب الرقابة الأبوية دورًا حيويًا في كيفية استغلال هذه التطبيقات. يجب على الآباء التفاعل مع أبنائهم ومناقشة المحتوى الذي يشاهدونه. من خلال هذه الحوارات، يمكن للأسر تعزيز الفهم المشترك وتقديم النصائح اللازمة لمواجهة المحتويات المربكة. التعليم والتوجيه يعدان ضروريين في مرحلة الشباب، حيث يسهلان التوازن بين الانفتاح على الثقافات الجديدة والحفاظ على القيم والتقاليد.
من الجدير بالذكر أن التفاعل بين قيم الأسرة المصرية وتأثير تيك توك ليس ثابتًا، بل هو ديناميكي ومتغير. في عالم تتسارع فيه التكنولوجيا والتغيرات الاجتماعية، تظل الأسرة هي الركيزة الأساسية التي تدعم الهوية الثقافية والاجتماعية. وعليه، من المهم أن يعمل الجميع، سواء كانوا آباء أو مؤثرين أو صانعي المحتوى، على تعزيز القيم الإيجابية مع الأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجهها الأسر المصرية في هذا العصر الرقمي.
باختصار، يمكن القول إن تطبيق تيك توك ومؤثرينه يمثلان سيفًا ذا حدين بالنسبة للأسرة المصرية. فهو يقدم فرصًا جديدة للتواصل والتعبير، ولكنه يحمل أيضًا تحديات تتعلق بالقيم والتقاليد. لذا، يجب على المجتمع ككل، وبشكل خاص الأسر، أن تكون واعية لهذه التغيرات وتسعى نحو تحقيق التوازن بين الاستفادة من التقنيات الحديثة والحفاظ على القيم الأساسية التي تجعل من الأسرة المصرية نموذجًا يحتذى به في التضامن والاحترام.