وزن الفيل..!

 

 


كان يعيش في الصين ولدان صديقان، هما (ماو)  و(لى بنج)، وكان أبو (ماو)، رئيساً للديوان
الإمبراًطورى ، أما (لي بنج)، فكان أبوه، ضابطاً من ضباط الحرس الإمبراًطورى ..

وذات
يومٍ، قال (ماو) لصديقه: تعال يا صديقى، نتفرج على الجبار، الطويل الأنف.

قال (لي
بنج): وماذا يكون هذا الجبار، الطويل الأنف؟.

قال (ماو):
إنه الفيل، أضخم أنواع الحيوان التى تعيش على ظهر الأرض.

قال (لي
بنج): وهل هو مفترس؟.

قال (ماو):
كلا، إنه برغم ضخامته، أليف، وديع، يستطيع صبى أن يقوده، فينقاد له، وقد أخبرنى
أبى، أنه جاء هديةً إلى الأمير، من خطيبته ابنة ملك الهند.

ذهب
الولدان إلى مكان الفيل، فوجدا حوله زحاماً شديداً من الناس، جاءوا جميعاً
ليتفرجوا ، إذ كان أهل الصين، لم يروا فيلاً من قبل …

ونظر
(ماو)، فرأى أباه واقفا بين الجموع المحتشدة، ومعه بعض حاشية الإمبراطور، فتوارى
مع صديقه، خلف إحدى الأشجار، ووقفا ينظران على بعدٍ، وينصتان لأحاديث الناس عن ذلك
الحيوان العجيب.

وسمع الولدان، رئيس الديوان الإمبراًطورى، يقول: حقاً
إنه حيوان نافع، ولكن، من ذا يدلنا على طريقةٍ نعرف بها، كم يبلغ وزنه، لكي نستطيع
بناء جسر يتناسب مع وزن الفيل، ليعبر عليه إلى حديقة قصر الأمير؟.

وسكت
الناس برهةً، متحيرين، إذ لم يكن أحد منهم، يعرف طريقةً، يمكن أن يوزن بها هذا
الحيوان الضخم …

وغضب
رئيس الديوان، والتفت إلى من حوله من رجال العلم، وقال لهم: أليس فيكم من يستطيع
أن يبتكر طريقةً، نعرف بها وزن الفيل؟.

فلما
طال صمتهم، عاد رئيس الديوان يقول: يبدو لى، أنه سؤال محرج، لا يعرف جوابه إلا
عبقرى نابغه، فإن كان منكم أحدٍ يعرف الجواب ، فستكون له مكافأة كبيرة.

ومضت
برهةً، ثم تقدم شيخ كبير، فوقف بين يدى رئيس الديوان، وقال له: إن عقلاء البلاد
جميعاً لا يمكن أن يعجزوا عن وسيلةٍ لمعرفة وزن الفيل، وإنى أشيـــر على الرئيس أن
يأمر الحدادين بصنع ميزانٍ ضخمٍ يتسع لجسم هذا الفيل، وبذلك نستطيع أن نعرف وزنه.

سمع
الناس قول ذلك الشيخ الوقور، فظهرت على وجوههم أمارات الإستحسان، ولكن رئيس
الديوان الإمبراًطورى ظل هادئاً، عابس الوجه، ثم نطق بعد لحظةٍ، فقال: لو أننا
استطعنا أن نصنع مثل ذلك الميزان، فكيف نستطيع أن نرفع ذلك الفيل حتى نضعه فى
كفته؟.

فلما
سمع (ماو) قول أبيه، لم يستطع أن يمنع نفسه من الضحك، فغضب رئيس الديوان الإمبراًطورى،
وصاح:من ذاك الضاحك؟.

فخجل
(ماو)، وأدرك أنه قد خرج عن حدود الأدب اللائق، وأتى ذنباً كبيراً، فبرز من خلف
الشجرة، ووقف بين يدى أبيه صامتاً، نادماً على فعلته، فقال له أبوه: ألا تعلم، أن
الضحك على الكبـار وقـاحة، وسـوء أدبٍ؟.

قال
الولد: يا أبت، ولكنى، لم أكن أضحك من اقتراح الشيخ، بل كنت أضحك فرحاً، لأنى وجدت
حلا  لهذه المشكلة.

فابتسم
الحاضرون إستحساناً لقول الصبى، ولكن أباه لم يبتسم، بل ظهرت على وجهه أمارات الجد،
ومال على ولده، قائلاً: ماذا تقول يا بنى؟. أتعرف حقاً طريقةً لوزن هذا الفيل؟.

وساد
السكون، وأرهف الناس آذانهم، وعيونهم، حين رأوا رئيس ديوان الإمبراطور يتحدث إلى
ولدٍ صغيرٍ، ويسمع منه، واتجه الرئيس بعد لحظةٍ إلى الجمع الحاشد، ثم قال لهم: إن
هذا الولد الصغير، هو إبنى، وقد سمعتموه يقول فى جرأةٍ، إنه يعرف طريقةً لوزن
الفيل، فاستمعوا إليه، ليصف إليكم تلك الطريقة.

وزاد
إهتمام الناس، واتجهوا إلى الصبى، بقلوبهم، وعقولهم، وبأعينهم، وآذانهم جميعاً،
وبدأ (ماو) يتكلم، فقال:إنها طريقة سهلة جداًً، نقوم بوضع الفيل داخل مركب فى
النهر، ثم ننظر إلى أخر ارتفاع حدث للماء من حوله، بفعل ثقل الفيل، ونضع عنده علامة،
ثم نرد الفيل إلى الشاطئ، ونضع مكانه على المركب رمال كثيرة، حتى يغوص المركب إلى
مكان العلامة، فنأخذ الرمال بعد ذلك ونقوم بوزنها، فيكون وزن الرمال، هو ذات وزن
الفيل بالتمام والكمال.

نظر
الجمع الحاشد إلى الولد الصغير، العبقرى، نظرات إعجابٍ ودهشةٍ، أما رئيس الديوان،
فضم ولده إلى صدره فى حنانٍ أبوى، وهو يقول له: أحسنت، وستنال جائزتك، لأنك ولد
مفكر تبتكر حلولاً ناجحة للمشكلات، وتستحق أن نطلق عليك (ماو العبقري).

 

تمت

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top